باعتراف الحكومة نفسها، فاضطرت السلطة إلى التراجع، وقررت منح الفلاح شيئا من الأرض وكوخا وبعض الحيوانات للاستفادة منها، على أن تبقى الملكية الأساسية للدولة، وينضم الفلاح إلى جمعية (الكلخوز الزراعية الاشتراكية) التي تتعهدها الدولة، وتستطيع أن تطرد أي عضو منها متى شاءت.
وأما الركن الثاني للشيوعية (زوال الحكومة)، فهو أطرف ما في الشيوعي من طرائف. وتقول الفكرة فيه على أساس رأي المادية التاريخية في تفسير الحكومة وليدة التناقض الطبقي، لأنها الهيئة التي تخلقها الطبقة المالكة لاخضاع الطبقة العاملة لها. ففي ضوء هذا التفسير لا يبقى للحكومة أي مبرر في مجتمع لا طبقي، بعد أن يتخلص من كل آثار الطبقية وبقاياها، ويصبح من الطبيعي أن تتلاشى الحكومة تبعا لزوال الأساس التاريخي لها.
ومن حقنا أن نتساءل عن هذا التحول، الذي ينقل التاريخ من مجتمع الدولة إلى مجتمع متحرر منها، من المرحلة الاشتراكية إلى المرحلة الشيوعية: كيف يتم هذا التحول الاجتماعي؟ !. وهل يحصل بطريقة ثورية وانقلابية فينتقل المجتمع من الاشتراكية إلى الشيوعية في لحظة حاسمة، كما انتقل من الرأسمالية إلى الاشتراكية؟!. أو أن التحول يحصل بطريقة تدريجية، فتذبل الدولة وتقلص حتى تضمحل وتتلاشى؟!.
فإذا كان المتحول ثوريا آنيا، وكان القضاء على حكومة البروليتاريا سيتم عن طريق الثورة، فمن هي الطبقة الثائرة التي سيتم على يدها هذا التحول؟!. وقد علمتنا الماركسية أن الثورة الاجتماعية على حكومة، إنما تنبثق دائما من الطبقة التي لا تمثلها تلك الحكومة. فلابد إذن في هذا الضوء أن يتم التحول الثوري إلى الشيوعية، على أيدي غير الطبقة التي تمثلها الحكومة الاشتراكية وهي طبقة البروليتاريا. فهل تريد الماركسية أن تقول لنا أن الثورة الشيوعية تحصل على أيدي رأسماليين مثلا؟!.
وإذا كان التحول من الاشتراكية وزاول الحكومة تدريجيا.. فهذا يناقض - قبل