غير أن المشكلة في رأينا تبدو بصورة أكثر وضوحا حين ندرس الشروط الثاني.
فإن النقطة الأساسية في المشكلة ليست هي: كيف يدرك الإنسان المصالح الاجتماعية (1)؟ بلى المشكلة الأساسية هي: كيف يندفع هذا الإنسان إلى تحقيقها وتنظيم المجتمع بالشكل الذي يضمنها؟ ومثار المشكلة هو أن المصلحة الاجتماعية لا تقف في أكثر الأحايين مع الدافع الذاتي، لتناقضها مع المصالح الخاصة للافراد. فإن الدافع الذاتي، لتناقضها مع المصالح الخاصة للافراد. فإن الدافع الذاتي الذي كان يضمن اندفاع الإنسان نحو المصالح الطبيعية للانسان، لا يقف الموقف نفسه من مصالحها الاجتماعية، فبينما كان الدافع الذاتي يجعل الإنسان يحاول إيجاد دواء للسل، لأن إيجاد هذا الدواء من مصلحة الأفراد جميعا.. نجد أن هذا الدافع الذاتي نفسه يحول دون تحقيق كثير من المصالح الاجتماعية، ويمنع عن إيجاد التنظيم الذي يكفل تلك المصالح أو عن تنفيذه. فضمان معيشة العامل حال التعطل يتعارض مع مصلحة الأغنياء، الذي سيكلفون بتسديد نفقات هذا الضمان. وتأميم الأرض يتناقض مع مصلحة أولئك الذين يمكنهم احتكار الأرض لأنفسهم. وهكذا كل مصلحة اجتماعية، فإنها تمنى بمعارضة الدوافع الذاتية من الأفراد، الذين تختلف مصلحتهم عن تلك المصلحة الاجتماعية العامة.
وفي هذا الضوء نعرف الفارق الأساسي بين المصالح الطبيعية والمصالح الاجتماعية. فإن الدوافع الذاتية للأفراد لا تصطدم بالمصالح الطبيعية للانسانية، بل تدفع الأفراد إلى إيجادها واستثمار الوعي التأملي في هذا السبيل، وبذلك كان النوع الإنساني بكل الإمكانات التي تكفل له مصالحه الطبيعية، بصورة تدريجية وفقا لدرجة تلك الإمكانات التي تنمو عبر التجربة. وعلى العكس من ذلك المصالح الاجتماعية، فإن الدوافع الذاتية التي تنبع من حب الانسان لنفسه، وتدفعه إلى تقديم صالحه على صالح الآخرين، إن تلك الدوافع تحول دون استثمار الوعي العملي عند