الاتجاه التشريعي الذي يعكس المفهوم:
وأما الأحكام والتشريعات التي تعكس المفهوم الإسلامي في التداول، فيمكننا أن نجدها في عدد من النصوص التشريعية، والآراء الفقهية كما يلي:
1 - في رأس عدد من الفقهاء كالعماني والصدوق والشهيد الثاني والشافعي وغيرهم: إن التاجر إذا اشترى حنطة مثلا ولم يقبضها لا يسمح له أن يربح فيها عن طريق بيعها بثمن أكبر، وإنما يجوز له ذلك بعد قبضتها (1) مع أن عملية النقل القانونية تتم في الفقه الإسلامي بنفس العقد، ولا تتوقف على أي عمل إيجابي بعده.
فالتاجر يملك الحنطة بعد العقد وإن لم يقبضها، ولكنه بالرغم من ذلك يسمح له بالاتجار بها، والحصول على ربح ما لم يقبض المال، حرصا على ربط الأرباح التجارية بعمل، وإخراج التجارة عن كونها مجرد عمل قانوني يدر ربحا.
وفي عدة نصوص تشريعية ما يشير إلى هذا الرأس - ففي خبر علي بن جعفر: ((أنه سأل الإمام موسى بن جعفر عليه السلام: عن الرجل يشتري الطعام، أيصلح بيعه قبل أن يقبضه؟ قال (ع): إذا ربح لم يصلح حتى يقبض، وإن كان توليه - أي باعه بنفس الثمن الذي اشتراه به بدون ربح - فلا بأس)) (2).
وقال العلامة الحلي في التذكرة: (منع جماعة من عملائنا بيع ما لم يقبض في سائر المبيعات (3).
وقال الإمام الشافعي: (وبهذا نأخذ فمن ابتاع شيئا كائنا ما كان فليس له أن يبيعه حتى يقبضه) (4).
(1) لاحظ المقنع للصدوق، ص 31 من الجوامع الفقهية، والروضة في شرح اللمعة ج 3، ص 528، والأم ج 3، ص 69، والوسائل ج 12، ص 387، ومختلف الشيعة ج 2، ص 115