وبين عمله المنفصل، الذي جسده في الأرض، ومزجه بوجودها. ومن ناحية أخرى كانت فكرة الاختصاص تحقق الاستقرار، وتسفر عن تقسيم الأرض على أساس الكفاءة إذ يحتفظ كل فرد بالمساحة التي علم فيها، وأثبت كفاءته إلى درجة ما في استثمارها.
وعلى هذا الأساس نرجح أن تكون الحقوق الخاصة في الأرض نشأت تاريخيا في أكبر الظن نتيجة للعمل، واتخذت هذه الحقوق على مر الزمن شكل الملكية.
ع خصوم ملكية الأرض:
والشكوك التي تثار عادة من خصوم ملكية الأرض حولها، تتجه تارة إلى اتهام واقعها التاريخي وجذورها الممتدة في أعماق الزمن، وتذهب تارة أخرى إلى أكثر من ذلك، فتدين نفس فكرة الملكية وحق الفرد في الأرض، بمجافاتها لمبادئ العدالة الاجتماعية.
أما اتهام واقع ملكية الأرض، والسند التأريخي لهذه الملكية.. فينصب في الغالب على أسباب القوة والسيطرة، التي تقول عنها التهمة أنها لعبت دورها الرئيسي على مر التاريخ، في توزيع الأرض توزيعا غير عادل، ومنح الافراد حقوقا خاصة فيها، وإذا كانت القوة والاغتصاب وعوامل العنف، هي المبررات الواقعية والسند التاريخي لملكية الأرض، والحقوق الخاصة التي شهدها تاريخ الانسان.. فمن الطبيعي أن تشجب هذه الحقوق، وتعتبر ملكية الأرض في التاريخ لونا من السرقة.
ونحن لا ننكر عوامل القوة والاغتصاب، ودورها في التأريخ، ولكن هذه العوامل لا تفسر ظهور ملكية الأرض وحقوقها الخاصة في التاريخ، إذ يجب لكي تستولي على الأرض بالعنف والاغتصاب، أن يكون هناك من تغتصب منه الأرض، وتطرده بالقوة لتضمها إلى أراضيك. وهذا يفترض مسبقا أن تكون تلك الأرض التي تعرضت للاغتصاب والعنف، قد دخلت في حيازة شخص أو أشخاص قبل ذلك، وأصبح لهم حق فيها.