ثانيا - هل يوجد مقياس أعلى؟
إن المقياس الأعلى في رأي الماركسية، لاختبار صحة كل نظرية، هو مدى نجاحها في مجال التطبيق. فالنظرية عند الماركسيين لا يمكن أن تنفصل عن التطبيق وهذا ما يسمى في الديالكتيك بوحدة النظرية والتطبيق. قال ماوتسي تونغ:
((إن نظرية المعرفة في المادية الديالكتيكية تضع التطبيق في المقام الأول. فهي ترى أن اكتساب الناس للمعرفة يجب أن لا ينفصل بأية درجة كانت عن التطبيق وتشن نضالا ضد كل النظريات الخاطئة التي تنكر أهمية التطبيق، أو تسمح بانفصال المعرفة عن التطبيق)) (1).
وقال جورج بولتزير:
((فمن المهم إذن أن نفهم معنى وحدة النظرية والتطبيق، ومعنى ذلك: أن من يهمل النظرية يقع في فلسفة الممارسة. فيسلك كما يسلك الأعمى ويتخبط في الظلام، أما ذلك الذي يهمك التطبيق فيقع في الجمود المذهبي)). (2) على هذا الأساس نريد أن ندرس المادية التاريخية، وبكلمة أخرى: ندرس النظرية الماركسية العامة عن التاريخ، لنتعرف على نصيبها من النجاح، في مجال التطبيق الثوري الذي خاضه الماركسيون.
ومن الواضح، أن الماركسيين إنما أتيحت لهم محاولة تطبيق النظرية، بالنسبة إلى جزء خاص منها، وهو الجزء الذي يتصل بتطوير المجتمع الرأسمالي إلى مجتمع اشتراكي، وأما الجوانب الأخرى، النظرية، فهي تتعلق بقوانين لمجتمعات تاريخية، وجدت في حياة الإنسان وانصرمت، ولم تعاصرها الماركسية ولا ساهمت في إيجادها.
فلنأخذ الجزء الخاص من النظرية، الذي يتصل بتطوير المجتمع الرأسمالي ونشوء