وأما السبب الثاني، الذي فسرت به الماركسية تفاوت الثروات: فهو لا يتقدم في حل المشكلة إلا خطوة واحدة، إذ يعتبر أن استرقاق السادة للعبيد من أبناء القبيلة، قد سبقه تاريخيا استرقاق أولئك السادة لأسرى الحرب، وإثرائهم على حساب هؤلاء الأسرى وأما لماذا هيأت الفرص لأولئك السادة بالذات، دون غيرهم من أعضاء القبيلة، استرقاق الأسرى؟ فهذا ما لا تحاول الماركسية تفسره، لأنها لا تجد تفسيره في القوى المنتجة، وإنما يمكن تفسره تفسيرا انسانيا، على أساس الفوارق والكفاءات المتفاوتة: البدنية والفكرية والعسكرية، التي يولد الناس وهم يختلفون في حظوظهم منها، طبقا لظروفهم وشروطهم النفسية والفسيولوجية والطبيعية...
المجتمع الإقطاعي ونشا المجتمع الإقطاعي بعد ذلك، نتيجة للتناقضات التي كانت تعمل في المجتمع العبودي، وأساس هذه التناقضات، التناقض بين علاقات النظام العبودي، ونمو القوى المنتجة، إذ أصبحت تلك العلاقات بعد فترة طويلة، من حياة المجتمع العبودي، عائقة عن نمو الإنتاج، وعقبة في سبيله من ناحيتين:
إحداهما: أنها فسحت المجال أمام الأسياد، لاستغلال العبيد - بوصفهم القوة المنتجة - استغلالا وحشيا، فتهاوى آلاف العبيد في ميدان العمل، بسبب ذلك، الأمر الذي كلف الإنتاج نقصا كبيرا في القوة المنتجة، المتمثلة في أولئك العبيد.
والأخرى: أن تلك العلاقات، حولت بالتدريج أكثر الأحرار من الفلاحين والحرفيين، إلى عبيد، ففقد المجتمع - بسبب ذلك - جيشه وجنوده الأحرار، الذين كان المجتمع يحصل عن طريق غزواتهم المتلاحقة، على سيل مستمر من العبيد المنتجين، وهكذا أدى النظام العبودي، إلى التبذير بالقوى المنتجة الداخلية، والعجز عن استيراد قوى منتجة جديدة، إلى التبذير بالقوى المنتجة الداخلية، والعجز عن استيراد قوى منتجة جديدة، عن طريق الغزو والأسر، وقام لأجل هذا التناقض الشديد بينه وبين قوى الإنتاج، فتقوض المجتمع العبودي، وخلفه النظام الإقطاعي...