تنمية الإنتاج فحسب، يتطلب مثل هذه السلطة الحديدية.
ونتج عن ذلك في كل من التجربتين أيضا، استفحال أمر السلطة وتمتعها بالجوهر للملكية، لأن التأميم لم يقم على أساس روحي، أو قناعة بقيم خلقية للانسان، وإنما قام على أساس مادي، لتحقيق أكبر نصيب من الإنتاج فمن الطبيعي أن لا تجد السلطة تعارضا بين هذا الهدف المادي، وبين ما تحيط به نفسها من امتيازات ومتعة. ومن الطبيعي أيضا ان لا يقر الجهاز الحاكم الملكية العامة عمليا، إلا في حدود الدافع المادي الذي يدفعه إلى مضاعفة الإنتاج وتنميته.
ولا يبدو غريبا بعد ذلك، أن نجد جهاز الدولة في التجربة القديمة، وهو يضج بخيانات الموظفين وإثرائهم على حساب الممتلكات العامة، ونجد ستالين في التجربة الحديثة، وهو يضطر إلى الاعتراف بأن كبار رجال الدولة والحزب قد استغلوا فرصة انشغال دولتهم بالحرب الأخيرة، فجمعوا الأموال والثروات حتى أنه أذاع ذلك في منشور عممه على جميع أبناء الشعب.
فالتشابه بين التجربتين الاشتراكيتين واضح كل الوضوح، في الظواهر والنتائج، بالرغم من اختلاف ظروفهما المدنية وأشكال الإنتاج فيهما.
وهذا يشير إلى ان الجوهر في كلتا التجربتين واحد، مهما اختلفت الألوان والإطارات.
وهكذا نعرف أن كل تجربة للتأميم، تمنى بنفس النتائج إذا كانت في نفس الإطار السياسي للتجربة الماركسية، إطار السلطة المطلقة، وكان قادة الماركسية تجربتهم على أساسه، وهو تنمية الإنتاج التي هي القوة الدافعة للتاريخ على مر الزمن في مفاهيم المادية التاريخية.
وأما الركن الأخير من المرحلة الاشتراكية، فهو - كما سبق - مبدأ التوزيع القائل: من كل حسب طاقته ولكل حسب عمله.
ويرتكز هذا المبدأ - من الناحية العلمية - على القوانين المادية التاريخية. فإن المجتمع