رأس المال لا يظفر بشيء عن طريق تسخير الاجراء لاحتطاب الخشب واستخراج المعدن وتوفير الأدوات اللازمة لهم، ما دامت النظرية الإسلامية تجعل مباشرة العمل شرطا في تملك الثروة الطبيعية، وتمنح العامل وحده حتى ملكية الخشب الذي يحتطبه والمعدن الذي يستخرجه. وبذلك يقضي على تملك الثروات الطبيعية الخام عن طريق العمل المأجور، وتختفي بسيطرة رأس المال على تلك الثروات التي يمتلكها في ظل المذهب الرأسمالي لمجرد قدرته على دفع الأجور للعامل وتوفير الأدوات اللازمة له، وتحل محلها سيطرة الانسان على ثروات الطبيعة.
واختفاء طريقة الإنتاج الرأسمالي هذا في مجال الثروات الطبيعية الخام ليس حادثا عرضيا أو ظاهرة عابرة وفارقا جانبيا بين النظرية الإسلامية والمذهب الرأسمالي، وإنما يعبر بشكل واضح وعلى أساس نظري - كما عرفنا - عن التناقض المستقطب بينهما وأصالة المضمون النظري للاقتصاد الإسلامي.
الهوامش:
- - - - - - - - (1) لما عرفنا في البناء العلوي من منع الحقق الحلي في الشرائع عن التوكيل في الاحتطاب وما اليه 3 - استنتاج النظرية من البناء العلوي:
عرضنا حتى الآن النظرية الإسلامية لتوزيع ما بعد الإنتاج ونحن نفترضها افتراضا، بالقدر الذي تتطلبه المقارنة بينها وبين النظرية الرأسمالية في أساسها النظري لتوزيع الثروة على عناصر الإنتاج.
ولابد لكي نبرهن على صحة تصورنا للنظرية، ان نعود الآن إلى البناء العلوي المتقدم في مستهل البحث، لنستنبط منه الجانب الذي افترضناه من النظرية الإسلامية، ونبرز مدلوله المذهبي ومدى انسجامه مع الصورة التي قدمناها.
إن الأحكام التي استعرضناها في البناء العلوي تقرر:
أولا: ان الموكل لا يجوز له أن يقطف ثمرات عمل الوكيل في ثروات الطبيعة الخام، فلو وكل فردا في الاحتطاب له من خشب الغابة مثلا، لم يجز له أن يمتلك