ومن ناحية أخرى أعطت النظرية الحديثة في التوزيع للريح مفهوما أوسع يتعدى به حدود الأرض، ويكشف عن ألوان عديدة من الريع في مختلف المجالات. كما رجح البعض أخذ رأس المال بمعنى شامل يضم جميع القوى الطبيعية بما فيها الأرض.
وبالرغم من التعديلات الشكلية فإن النظرية الجوهرية في التوزيع الرأسمالي ظلت ثابتة خلال جميع ألا تعديلات ولم تتغير من الناحية المذهبية. وهذه النظرة هي ملاحظة جميع عناصر الإنتاج على مستوى واحد، وإعطاء كل واحد من تلك العناصر نصيبه من الثروة المنتجة، بوصفه مساهما في العملية، وفي حدود مشاركته لسائر العناصر في إنجاز تلك الثروة وإنتاجها، فالعمل يحصل على الأجر بنفس الطريقة وعلى أساس نفس النظرة المذهبية التي يحصل رأس المال بموجبها على فائدة مثلا، لأن كلا منهما في العرف الرأسمالي عامل إنتاج وقوى مساهمة في التركيب العضوي للعملية، فمن الطبيعي أن توزيع المنتجات على عناصر إنتاجها بنسب تقررها قوانين العرض والطلب، وما إليها من القوى التي تتحكم في التوزيع.
2 - النظرية الإسلامية ومقارنتها بالرأسمالية:
وأما الإسلام فهو يرفض هذه النظرية الجوهرية في المذهب الرأسمالي رفضا تاما، ويختلف عنها اختلافا أساسيا، لأنه لا يضع عناصر الإنتاج المتعددة على مستوى واحد، ولا ينظر إليها بصورة متكافئة، ليقر توزيع الثروة المنتجة على تلك العناصر بالنسب التي تقررها قوانين العرض والطلب كما تصنع الرأسمالية، بل إن النظرية الإسلامية العامة لتوزيع ما بعد الإنتاج كما تصنع الرأسمالية، بل إن النظرية الإسلامية العامة لتوزيع ما بعد الإنتاج تعتبر أن الثروة التي تنتج من الطبيعة الخام ملك للانسان المنتج وحده - العامل - وأما وسائل الإنتاج المادية التي يستخدمها الإنسان في عملية الإنتاج من أرض ورأس مال ومختلف الأدوات والآلات فلا نصيب لها من الثروة المنتجة نفسها، وإنما هي وسائل تقدم للانسان خدمات في تذليل الطبيعة وإخضاعها لأغراض الإنتاج، فإذا كانت تلك الوسائل ملكا لفرد آخر