درجة تلحقه بمستوى الناس. وبذلك أعطتنا هذه النصوص المفهوم الإسلامي لغنى، الذي عرفنا عن مبدأ التوازن أنه يستهدف توفيره للعموم، ويعتبر تعميمه شرطا في تحقيق التوازن الاجتماعي. وهكذا تكتمل في ذهننا الصورة الإسلامية المحددة لمبدأ التوازن الاجتماعي. ونعلم أن الهدف الموضوع لولي الأمر، هو العمل لإلحاق الافراد المتخلفين بمستوى أعلى على نحو يحقق مستوى عاما مرفها للمعيشة.
وكما وضع الإسلام مبدأ التوازن الاجتماعي وحدد مفهومه، تكفل أيضا بتوفير الإمكانات اللازمة للدولة، لكي تمارس تطبقها للمبدأ في حدود تلك الامكانات.
ويمكن تلخيص هذه الامكانات في الأمور التالية:
أولا: فرض ضرائب ثابتة تؤخذ بصورة مستمرة، وينفق منها لرعاية التوازن العام.
وثانيا: إيجاد قطاعات لملكية الدولة، وتوجيه الدولة إلى استثمار تلك القطاعات، لأغراض التوازن.
وثالثا طبيعة التشريع الإسلامي، الذي ينظم الحياة الاقتصادية في مختلف الحقول.
1 - فرض ضرائب ثابتة:
وهي ضرائب الزكاة والخمس. فان هاتين الفريضتين الماليتين، لم تشرعا لأجل إشباع الحاجات الأساسية فحسب، وإنما شرعتا أيضا لمعالجة الفقر، والارتفاع بالفقير إلى مستوى المعيشة الذي يمارسه الأغنياء، تحقيقا للتوازن الاجتماعي بمفهومه في الإسلام.
والدليل الفقهي على علاقة هذه الضرائب بأغراض التوازن، وإمكان استخدامها في هذا السبيل، ما يلي من النصوص:
أ - عن إسحاق بن عمار: قال: قلت للإمام جعفر بن محمد أعطي الرجال من الزكاة مئة؟ قال: نعم. قلت: مائتين؟. قال: نعم قلت: ثلاثمائة؟ قال: نعم. قلت: أربعمائة؟ قال نعم. قلت خمسمائة؟ قال: نعم، حتى تغنيه)) (1).