وعدد المطرودين مليونين عضو، وبذلك كاد الحزب الشيوعي المطرود أن يوازي الحزب الشيوعي نفسه.
ولا نرمي من وراء هذا إلى التشهير بالجهاز الحاكم في المجتمع الاشتراكي - وليس التشهير من شأن هذا الكتاب - وإنما نرمى إلى تحليل المرحلة الاشتراكية تحليلا علميا، لنجد: كيف تؤدي بطبيعتها المادية الدكتاتورية، إلى ظروف طبقية تتمخض عن ألوان رهيبة من الصراع؟ ! وإذا بالتجربة التي جاءت لتمحو الطبقية، قد أنشأتها من جديد.
والسلطة الدكتاتورية - التي هي الركن الثاني في المرحلة الاشتراكية - ليست ضرورية لأجل تصفية حساب الرأسمالية فحسب، كما تزعم الماركسية، إذ تعتبرها ضرورة مؤقتة، تستمر حتى يقضى على كل خصائص الرأسمالية الروحية والفكرية والاجتماعية.. وإنما تعبر عن ضرورة أعمق في طبيعة الاشتراكية الماركسية، المؤمنة بضرورة التخطيط الاقتصادي الموجه، لكل شعب النشاط الاقتصادي في الحياة. فإن وضع مثل هذا التخطيط وتنفيذه يتطلب سلطة قوية لا تخضع للمراقبة، وتتمتع بإمكانات هائلة، ليتاح لها أن تقبض بيد حديدية على كل مرافق البلاد، وتقسمها وفقا لمخطط دقيق شامل. فالتخطيط الاقتصادي المركزي يفرض على السلطة السياسية طبيعة دكتاتورية إلى حد بعيد وليست مهمة تصفية الجو من التراث الرأسمالي، وهي وحدها التي تفرض هذا اللون السياسي من الحكم.
ونصل بعد هذا إلى التأميم، بوصفه الركن الثالث للمرحلة الاشتراكية. والفكرة العلمية في التأميم تقوم على: أساس تناقضات القيمة الفائضة، التي تتكشف عنها الملكية الخاصة لوسائل الإنتاج، في رأي ماركس. فإن هذه التناقضات تتراكم، حتى يصبح تأميم كل وسائل الإنتاج ضرورة تاريخية لا محيد عنها.
وقد مر بنا الحديث عن هذه التناقضات المزعومة، وكيف أنها تقوم على أسس