الهبوط. لأن الإنتاج الرأسمالي - في نموه - يتزايد اعتماده على الآلات والمعدات، تبعا لتقدم العلمي في هذا المضمار، وتقل الكمية التي يحتاجها من العمل بصورة متناسبة مع تقدم الآلات وتكاملها. وهذا يعني انخفاض القيمة الجديدة التي يخلقها الإنتاج، تبعا لانخفاض كمية العمل المنفق في هذا السبيل، فينخفض الربح الذي يعبر عن جزء من تلك القيمة الجديدة.
ولا يملك الرأسماليون إزاء هذه الضرورة (ضرورة انخفاض الربح) من علاج، إلا مطالبة العمال بكميات أكبر من العمل بنفس الأجرة السابقة، أو تخفيض نصيبهم، القيمة الجديدة التي يخلقونها، بالتقليل من أجورهم. وبذلك يشتد الصراع بين الطبقتين. ويصبح تزايد البؤس والحاجة في أوساط العمال، قانونا حتميا في المجتمع الرأسمالي.
ومن الطبيعي أن تنجم بعد ذلك أزمات شديدة، لعدم تمكن الرأسماليين من تصريف بضائعهم، نتيجة لانخفاض مستوى القدرة الشرائية عند الجماهير ويصبح من الضروري التفتيش عن أسواق خارج الحدود، فتبدأ الرأسمالية مرحلتها الاستعمارية والاحتكارية، في سبيل ضمان أرباح الطبقة الحاكمة. ويتهاوى تحت نير الاحتكار الضعفاء نسبيا يتسع نطاق الطبقة الكادحة إذ تتلقى بكل حرارة أولئك البورجوازيين الضعفاء، الذين يخرون صرعى في معركة الاحتكار الرأسمالي. ومن ناحية أخرى: تبدأ الطبقة البورجوازية تفقد مستعمراتها، بفضل الحركات التحررية في تلك المستعمرات، وتتفاقم الأزمات شيئا بعد شيء، حتى يصل المنحنى التاريخي إلى النقطة الفاصلة، ويتحطم الكيان الرأسمالي كله، في لحظة ثورية يشعل نارها الكادحون والعمال.
هذه صورة ملخصة عن مراحل التحليل الماركسي للرأسمالية، يمكننا الآن تحليلها في ضوء دراستنا السابقة.