3 - التحديد من سيطرة المالك على الانتفاع في الإسلام تحديدات متعددة لسيطرة المالك على التصرف في ماله وهذه التحديدات تختلف مصادرها النظرية، فبعضها نابع عن نظرية توزيع ما قبل الإنتاج، كالتحديد الزمني لسيطرة المالك على ماله بامتداد حياته، ومنعه عن تقرير مصير الثروة التي يملكها بعد وفاته، كما سبق في بحوث تلك النظرية.
وبعض تلك التحديدات، نتيجة لنظرية توزيع ما بعد الإنتاج، كالتحديد من سيطرة الرأسمالي على رأس المال الذي يملكه، بمنعه من الاكتساب به على أساس ربوي، وعدم السماح له بقروض الفائدة، فإن هذا التحديد قد نشأ نتيجة لنظرية توزيع ما بعد الإنتاج، التي اشتملت على ربط الكسب بالعمل المنفق - المباشر أو المختزن - كما رأينا قبل قليل.
وهناك تحديدات في الاقتصاد الإسلامي، ترتبط بالمفهوم الديني والخلقي عن الملكية الخاصة، فإن حق الفرد في التملك ينظر اليه دينيا وخلقيا بوصفه نتيجة لعضوية الفرد في الجماعة التي أعد الله الطبيعة وثرواتها لها وفي خدمتها، فلا يجوز أن تنقض الملكية الخاصة على أساسها، وتصبح عاملا من عوامل الاضرار بالجماعة وسوء حالها، لأنها بذلك تخرج عن وصفها مظهرا من مظاهر انتفاع الجماعة، وحقا للفرد بوصفه عضوا في الجماعة التي أعدت ثروات الكون لانتفاعها، فمن الطبيعي على هذا الأساس أن تحدد سيطرة المالك على التصرف في ماله، بعدم استغلالها فيما يضر الآخرين ويسئ إلى الجماعة (1).
وعلى العكس من ذلك حق الملكية على أساس رأسمالي، فإنه لا ينظر اليه بوصفه مظهرا من مظاهر انتفاع الجماعة، وإنما يعبر رأسماليا عن حق الفرد في أكبر نصيب ممكن من الحرية في جميع المجالات، فمن الطبيعي أن لا يحدد إلا بحرية الآخرين،