الذي يحصل به على ضروراته وحاجاته، ويصبح مرغما على حياة البؤس والجوع، لأن الثمن هو جهاز التوزيع، وما دام لم يحصل منه على شيء في السوق فلا نصيب له من الثروة المنتجة مهما كانت فاحشة.
فليست المبالغة في كفاءة المذهب الرأسمالي، وقدرته على تنمية الإنتاج، إلا تضليلا وسترا للجانب المظلم منه، الذي يحكم في مجال التوزيع بالحرمان والإعدام دون مبالاة على من لم يعرف كلمة السر، ولم يحصل على القطع السحرية، على النقود.
وفي هذا الضوء، لا يمكننا أن نعتبر مجرد الإنتاج مبررا من الناحية الخلقية والعملية، لمختلف الوسائل التي تتيح لحركة الإنتاج انطلاقا أوسع، وحقلا أخصب لأن وفرة الإنتاج - كما عرفنا - ليست هي التعبير الكامل عن الرفاه الاجتماعي العام.
ج - الحرية تعبير أصيل عن الكرامة الانسانية:
ولم يبق بعد هذا إلا الفكرة الثالثة عن الحرية، التي تقدر الحرية بمعيار ذاتي وتضفي عليها قيمة معنوية وخلقية أصيلة، بوصفها المظهر الجوهري للكرامة وتحقيق الذات، اللذين لا يعود للحياة بدونهما أي معنى.
ويجب أن نشير - قبل كل شيء - إلى أن هناك لونين من الحرية، وهما: الحرية الطبيعية، والحرية الاجتماعية. فالحرية الطبيعية هي: الحرية الممنوحة من قبل الطبيعة نفسها. والحرية الاجتماعية هي: الحرية التي يمنحها النظام الاجتماعي، ويكفلها المجتمع لأفراده، ولكل من هاتين الحريتين طباعها الخاص. فلابد لنا - ونحن ندرس مفاهيم الرأسمالية عن الحرية - أن نميز إحدى هاتين الحريتين عن الأخرى. لئلا نمنح إحداهما صفات الأخرى وخصائصها.
فالحرية الطبيعية عنصر جوهري في كيان الانسان، وظاهرة أساسية تشترك فيها الكائنات الحية بدرجات مختلفة، تبعا لمدى حيويتها. ولذلك كان نصيب الإنسان من هذه الحرية أوفر من نصيب أي كائن حي آخر، وهكذا كلما ازداد حظ الكائن