الثروة (1)، فإذا افترضنا جماعة استوطنوا أرضا وعمروها، وأنشأوا عليها مجتمعا، وأقاموا علاقاتهم على أساس أن العمل هو مصدر الملكية، ولم يمارس أحدهم أي لون من ألوان الاستغلال للآخر.. فسوف نجد أن هؤلاء يختلفون بعد برهة من الزمن في ثرواتهم، تبعا لاختلافهم في الخصائص الفكرية والروحية والجسدية.. وهذا التفاوت يقره الإسلام، لأنه وليد الحقيقتين اللتين يؤمن بهما معا. ولا يرى فيه خطرا على التوازن الاجتماعي ولا تناقضا معه. وعلى هذا الأساس يقرر الإسلام أن التوازن الاجتماعي يجب ان يفهم في حدود الاعتراف بهاتين الحقيقتين.
ويخلص الإسلام من ذلك إلى القول: بأن التوازن الاجتماعي هو التوازن بين أفراد المجتمع في مستوى المعيشة، لا في مستوى الدخل والتوازن في مستوى المعيشة معناه: أن يكون المال موجودا لدى أفراد المجتمع ومتداولا بينهم، إلى درجة تتيح لكل فرد العيش في المستوى العام، أي أن يحيا جميع الافراد مستوى واحدا من المعيشة، مع الاحتفاظ بدرجات داخل هذا المستوى الواحد تتفاوت بموجبها المعيشة، ولكنه تفاوت درجة، وليس تناقضا كليا في المستوى، كالتناقضات الصارخة بين مستويات المعيشة في المجتمع الرأسمالي (2).
وهذا لا يعني أن الإسلام يفرض إيجاد هذه الحالة من التوازن في لحظة. وإنما يعني جعل التوازن الاجتماعي في مستوى المعيشة، هدفا تسعى الدولة في حدود صلاحياتها إلى تحقيقه والوصول اليه. بمختلف الطرق والأساليب المشروعة التي تدخل ضمن صلاحياتها.
وقد قام الإسلام من ناحيته بالعمل لتحقيق هذا الهدف، بضغط مستوى المعيشة من أعلى بتحريم الإسراف، وبضغط المستوى من أسفل، بالارتفاع بالأفراد الذين يحيون مستوى منخفضا من المعيشة إلى مستوى أرفع. وبذلك تتقارب المستويات حتى تندمج أخيرا في مستوى واحد، قد يضم درجات ولكنه لا يحتوي على