فهي: وسيلة لتحقيق المصالح العامة.
وهي: سبب لتنمية الإنتاج والثروة العامة.
وهي: تعبير أصيل عن الكرامة الانسانية وحق الانسان في الحياة.
والآن وبعد أن استعرضنا الأسس الفكرية لفكرة الحرية الاقتصادية، يجب أن نتناولها بالدرس والتمحيص.
أ - الحرية وسيلة لتحقيق المصالح العامة ترتكز هذه الفكرة: على أساس الايمان بأن الدوافع الذاتية تلتقي دائما بالمصالح العامة والرفاه الاجتماعي، إذا توفرت الحرية في المجال العملي لجميع الأفراد، فإن الإنسان في المجتمع الحر يسعى إلى تحقيق مصالحه الخاصة، والتي تؤدي في النهاية إلى توفير المصالح العامة.
وعلى هذا الأساس خيل للاقتصاديين الرأسماليين في بادئ الأمر: أن ضمان سعادة المجتمع ومصالحه ليس بحاجة إلى القيم الخلقية والروحية، وتغذية الناس بها، لأن كل إنسان - وحتى من لا يعرف شيئا من تلك القيم - يسير طبقا لمصلحته الخاصة، إذا كفلت له الحرية في المجال العملي. وهذه المصلحة نفسها تواكب مصلحة المجتمع، وتتفق معها في نتائجها، وإن كان الفرد مدفوعا نحوها بدافع خاص. وهكذا يمكن للمجتمع أن يستغني عن الخدمات التي تقدمها القيم الخلقية والروحية، ويصل إلى مصالحه بالطريقة الرأسمالية، التي توفر لكل فرد حريته، وتمنحه القدرة على تقدير موقفه في ضوء مصالحه الخاصة، التي تلتقي في آخر الشوط بالمصالح العامة.
ولهذا السبب كانت الحرية التي تنادي بها الرأسمالية، مجردة من كل الإطارات والقيم الخلقية والروحية، لأنها (حرية) حتى في تقدير هذه القيم. ولا يعني هذا أن تلك القيم لا وجود لها في مجتمع رأسمالي، وإنما يعني أن الرأسمالية لا تعترف بضرورة هذه القيم لضمان مصلحة المجتمع، وتزعم إمكان الاستغناء عنها عن طريق