سنة أخرى.. يحصل على قيمة لمجموع نتاجه الذي أنجزه خلال العقدين، تساوي القيمة التي يخلقها الحمال عن طريق مشاركته في الإنتاج، بحمل الأثقال خلال أربعة عقود وبمعنى آخر: أن يومين من عمل المهندس الكهربائي، لما يتضمنه هذا اليوم من عمل دراسي سابق. فهل هذا هو الواقع الذي نشاهده في مجرى الحياة الاقتصادية؟ أو هل يمكن لأي سوق أو دولة، الموافقة على مبادلة إنتاج يومين من عمل العامل البسيط، بنتاج يوم واحد من عمل المهندس الكهربائي؟ !.
ولا شك أن من حسن حط الاتحاد السوفياتي، أنه لا يفكر في الأخذ بالنظرية الماركسية عن العمل البسيط والمركب، وإلا لمني بالدمار إذا أعلن: استعداده لإعطاء مهندس، في مقابل كل عاملين بسيطين. ولذلك نجد أن العامل الفني في روسيا، قد يزيد راتبه على راتب العامل البسيط، بعشرة أضعاف أو أكثر، بالرغم من أنه لم يقض تسعة أضعاف عمر العامل البسيط في الدراسة، وبالرغم من توفر الكفاءات الفنية في روسيا بالكمية المطلوبة، كتوفر القوى العاملة البسيطة كذلك. فمرد الفرق إذن إلى قانون القيمة، وليس إلى ظروف العرض والطلب، وهو فرق كبير لا يكفي لتفسيره إدخال العمل السابق في تكوين القيمة.
وأما المشكلة الثانية (مشكلة قياس نوعي لكفاية العمل، وفقا لمؤثرات النفسية والعضوية والذهنية، التي تختلف بين عامل وآخر) فقد تخلصت عنها الماركسية بأخذ المعدل الاجتماعي للعمل، مقياسا للقيمة. فقد كتب ماركس يقول:
((إن الوقت الضروري اجتماعيا لإنتاج البضائع، هو الوقت الذي يقتضيه كل عمل يجري إنتاجه بدرجة وسطية، من المهارة والقوة وفي شروط اعتيادية طبيعية، بالنسبة إلى البيئة الاجتماعية المعينة... إذن فكمية العمل وحدها، أو وقت العمل الضروري، في مجتمع معين لإنتاج صنف ما، هي التي تحدد كمية القيمة. وكل بضاعة خاصة، تعتبر - بصورة عامة - بمثابة نسخة وسطية عن نوعها)) (1).