كما يجب أيضا أن لا نفصل بين المذهب الإسلامي بصيغته العامة، وبين أرضيته الخاصة التي أعدت له، وهيأ فيها كل عناصر البقاء والقوة للمذهب. فكما ندرك الصيغ المحسوسة على أرضيات مختلفة، وينسجم كل شكل مع أرضية معينة، فقد لا تصلح أرضية لشكل آخر، ولا يصلح ذلك الشكل لأرضية أخرى. كذلك الصيغة العامة للمذهب - أي مذهب كان - تحتاج إلى أرضية وتربة، تتفق مع طبيعتها، وتمدها بالعقيدة والمفاهيم والعواطف التي تلائمها فلابد لدى تقدير الصيغة العامة للمذهب أن ندرسها على أساس التربة والأرضية المعدة لها، أي ضمن إطارها العام.
وهكذا يتضح أن الاقتصاد الإسلامي مترابط في خطوطه وتفاصيله، وهو بدوره جزء من صيغة عامة للحياة (1) وهذه الصيغة لها أرضية خاصة بها، ويوجد المجتمع الإسلامي الكامل حين يكتسب الصيغة والأرضية معا، حين يحصل على النبتة والتربة كليهما. ويستقيم منهج البحث في الاقتصاد الإسلامي، حين يدرس الاقتصاد الإسلامي بما هو مخطط مترابط، ويوصفه جزءا من الصيغة الإسلامية العامة للحياة، التي ترتكز بدورها على التربة والأرضية التي أعدها الإسلام للمجتمع الإسلامي الصحيح.
وتتكون التربة أو الأرضية للمجتمع الإسلامي، ومذهبه الاجتماعي، من العناصر التالية:
أولا: العقيدة، وهي القاعدة المركزية في التفكير الإسلامي، التي تحدد نظرة المسلم الرئيسية إلى الكون بصورة عامة.
وثانيا: المفاهيم التي تعكس وجهة نظر الإسلام في تفسير الأشياء، على ضوء النظرة التي تبلورها العقيدة.
وثالثا: العواطف والأحاسيس التي يتبنى الإسلام بثها وتنميتها، إلى صف تلك المفاهيم، لأن المفهوم - بصفته فكرة إسلامية عن واقع معين - يفجر في نفس المسلم