نظرة الإسلام العامة إلى الأرض في ضوء الأحكام المتنوعة التي شرعها الإسلام للأرض، ووقفنا على تفصيلاتها يمكننا أن نستخلص النظرة العامة للإسلام إلى الأرض، ومصيرها في ظل الإسلام، الذي يمارس النبي (ص) تطبيقه أو خليفته الشرعي، وسوف نحدد الآن النظرة العامة للإسلام إلى الأرض. فإذا استعرضنا بعد ذلك أحكام الإسلام، التي تتصل بسائر ثروات الطبيعة، ومصادر الإنتاج الأساسية، عدنا إلى هذه النظرة الإسلامية العامة عن الأرض، لنضعها في موضعها من نظرة أشمل وأوسع، تشكل الأساس والقاعدة المذهبية لتوزيع ما قبل الإنتاج.
ولكي نستطيع تجلية الموقف، وفحص المضمون الاقتصادي للنظرة الإسلامية في الأرض، وعزله عن سائر العوامل والاعتبارات الأخرى، ذات الصفة السياسية التي سنأتي على ذكرها بعد ذلك. لكي يتأتى لنا ذلك كله، يحسن بنا أن ننطلق - في تحديد نظرة الإسلام العامة - من فرضية تساعدنا على إبراز المضمون الاقتصادي للنظرية، مستقلا عن الاعتبارات السياسية.
فلنفترض، أن جماعة من المسلمين قرت أن تستوطن منطقة من الأرض كانت لا تزال غير مستثمرة، فأنشأت في تلك المنطقة مجتمعا إسلاميا وأقامت علاقاتها على أساس الإسلام، ولنتصور أن الحاكم الشرعي، النبي (ص) أو (الخليفة) يقوم بتنظيم تلك العلاقات، وتجسيد الإسلام في ذلك المجتمع بكل خصائصه ومقوماته الفكرية والحضارية والتشريعية. فماذا سوف يكون موقف الحاكم والمجتمع من الأرض؟، وكيف تنظم ملكيتها؟.