بمعنى اختلاف المصالح، الذي يجعل أحد الفريقين يكافح في سبيل رفع الأجور، والفريق الآخر يحاول الاحتفاظ بمستواها.. فهو تناقض ثابت، ولا يرتبط بالأسس العلمية المزعومة للاقتصاد الماركسي، بل هو نظير اختلاف مصالح البائعين والمشترين، الذي يدفع بالبائعين إلى محاولة رفع الأثمان، بينما يعمل المشترون لمقابلة ذلك. وكذلك اختلاف مصالح العمال الفنيين وغيرهم إذ أن من مصلحة الفني أن يحتفظ لعمله بمستوى عال من الأجر، بينما يكون من مصلحة سائر العمال أن يطالبوا بمساواة كاملة في الأجور.
وأما التناقض الثاني، بين ما يشتريه المالك من العامل وما يسلمه إليه.. فهو يتوقف على الرأي الماركسي السابق، القائل بأن السعلة التي يشتريها الملك من العامل - في مجتمع يسمح بالعمال المأجور - هي قوة العمل، لا العمل نفسه، كما يردد ذلك الاقتصاد الرأسمالي المبتذل، على حد تعبير الماركسية. لأن العمل في رأي ماركس هو جوهر القيمة مقياسها، فلا يمكن أن تكون له قيمة قابلة للقياس والتقدير، حتى يباع بتلك القيمة، وعلى العكس من ذلك قوة العمل، فإنها تعبر عن كمية من العمل المنفق عليها - أو على إعاشة العامل بتعبير آخر - فتقاس قيمة قوة العمل، بالعمل المنفق في سبيلها، وتصبح بذلك سلعة ذات قيمة، يمكن أن يشتريا المالك من العامل بتلك القيمة.
ولكن الحقيقة التي يقررها الاقتصاد الإسلامي بهذا الصدد، هي أن المالك لا يتملك ولا يشتري من العامل عمله، كما يرى الاقتصاد الرأسمالي المبتذل، على حد تعبير الماركسية، ولا يشتري أيضا قوة العمل، كما يقرر الاقتصاد الماركسي. فلا العمل ولا قوة العمل هو السلعة أو المال الذي يشتريه المالك من العامل، ويدفع الأجرة ثمنا له.. وإنما يشتري المالك من العامل منفعة عمله، أي الأثر المادي الذي ينتجه العمل في المادة الطبيعة. فإذا استأجر مالك الخشب والأدوات عاملا ليصنع من ذلك الخشب سريرا، فهو يدفع له الأجرة ثمنا للهيئة أو التعديل، الذي سوف يطرأ على الخشب فيجعله سريرا، نتيجة لعمل العامل. فهذا التعديل الذي