له السماح لك بالانتفاع بداره أو أدواته واعتبارك ضامنا لما تستهلكه منها خلال الانتفاع، فأنت حين تنتفع بدار شخص آخر أو أداته فترة من الزمن سوف تستهلك منها شيئا، وبالتالي تستهلك قسطا من العمل المختزن فيها، فلصاحب الدار، والأداة أن يطالبك بتعويض عما استهلكته، ويكون هذا التعويض الذي يظفر به المالك منك قائما على أساس عمل منفق. وأما حين تسلم من صاحب المال مئة دينار للاتجار بها على أساس اشتراكك في الربح، فتشتري بها مئة قلم، ثم تضطر لهبوط ثمن القلم أو قيمت لأي سبب من الأسباب إلى بيع الأقلام بتسعين دينارا، فأنت غير مسؤول عن هذه الخسارة، ولا مكلف بدفع تعويض عن القدر الذي تفتت من المال، لأن هذا التفتت ليس نتيجة لاستهلاكك شيئا من المال ومن العمل المخزون فيه خلال العملية التجارية، وإنما هو نتيجة لهبوط القيمة التبادلية للأقلام، أو تنزل أسعارها في السوق، فليس المسألة هنا مسألة عمل مختزن لشخص استهلكته وأنفقته خلال انتفاعك به لكي يجب عليك تعويضه عنهن، بل العمل المختزن في المال التجاري لا يزال كما هو لم يتفتت ولم يستهلك، وإنما نقصت قيمته، أو انخفض سعره، فليس لصاحب المال عليك أن تعوضه، إذ لو حصل على شيء منك نظير ذلك لكان كسبا بدون عمل منفق، ولأدى إلى حصوله على كسب منك بدون أن تستهلك من عمله شيئا خلال الانتفاع، وهذا ما ترفضه القاعدة في مدلولها السلبي.
5 - ربط حرمة الربا بالناحية السلبية:
وكما يرتبط المنع عن فرض الضمان على العامل بالمدلول السلبي للقاعدة التي ندرسها، كذلك يمكننا أن نعتبر أيضا حرمة الربا لبنة من البناء العلوي الذي يرتكز على هذا المدلول السلبي للقاعدة، بل ان حرمة الربا من أهم أجزاء ذلك البناء، وقد مرت بنا حرمة الربا في فقرة (9) من البناء العلوي المتقدم التي شرحت لنا تحريم الإسلام كل لون من ألوان القرض بفائدة. والفائدة تعتبر في العرف الرأسمالي الذي يسمح لها أجرة رأس المال النقدي الذي يسلفه الرأسماليون