التاريخي والاجتماعي؟ ! ولماذا لا يمكن أن نكتفي بهذا التفسير المتبادل، للوضع الاجتماعي والأفكار، أحدهما بالآخر.
إن الضرورة الفلسفية، ومفاهيم العلة والمعلول، التي أكد عليها أنجلز، تسمح لنا بمثل هذا التفسير، فإن كانت توجد أسباب تمنع عن الأخذ به، فإنما هي الملاحظات والتجارب التاريخية. وذلك ما سوف نتناوله في الدليل العلمي.
ب - الدليل السيكولوجي:
نقطة البدء في هذا الدليل، هي: محاولة التدليل على أن نشوء الفكر في حياة الإنسانية، كان نتاجا لظواهر وأوضاع اجتماعية معينة. وينتج عن ذلك أن الكيان الاجتماعي، سبق وجوده التاريخي، وجود الفكر، فلا يمكن أن نفسر الظواهر الاجتماعية، في تكوينها الأول، ونشوئها، بعامل مثالي - كأفكار الإنسان - ما دامت هذه الأفكار لم تظهر في التاريخ، إلا بصورة متأخرة عن حدوث ظواهر اجتماعية معينة، في حياة الناس. وليس من اتجاه متأخرة عن حدوث ظواهر اجتماعية معينة، في حياة الناس. وليس من اتجاه علمي بعد ذلك، لتفسير المجتمع وتعليل ولادته، إلا الاتجاه المادي، الذي يطرح العوامل الفكرية جانبا ويفسر المجتمع بالعامل المادي، بوسائل الإنتاج.
فالنقطة الرئيسية في هذا الدليل - إذن - أن - نبرهن على أن الأفكار، لم تحدث في عالم الإنسانية، إلا كنتيجة ظاهرة اجتماعية سابقة. لكي يستنتج - من ذلك - أن المجتمع سابق تاريخيا على الفكر، وناشئ عن العوامل المادية، وليس ناشئا عن الأفكار والآراء.
أما كيف عالجت الماركسية هذه النقطة الرئيسية؟ وبرهنت عليها؟ فهذا ما يتضح في تأكيد الماركسية، على أن الأفكار وليدة اللغة، وليست اللغة إلا ظاهرة اجتماعية. قال ستالين:
((يقال ان الأفكار تأتي في روح الانسان، قبل أن تعبر عن نفسها في الحديث. وأنها تولد دون أدوات اللغة، أي دون إطار اللغة، أو بعبارة أخرى: تولد عارية.