ثانيا: حرية محدودة بالقيم الإسلامية، في مجالات: الإنتاج، والتبادل، والاستهلاك (1).
ثالثا: عدالة اجتماعية تكفل للمجتمع سعادته، قوامها التكافل والتوازن.
وللمذهب الاقتصادي في الإسلام صفتان أساسيتان، تشعان في مختلف خطوطه وتفاصيله، وهما: الواقعية، والأخلاقية. فالاقتصاد الإسلامي اقتصاد واقعي وأخلاقي معا، في غاياته التي يرمي إلى تحقيقها، وفي الطريقة التي يتخذها لذلك.
فهو اقتصاد واقعي في غايته، لأنه يستهدف في أنظمته وقوانينه الغايات التي تنسجم مع واقع الإنسانية، بطبيعتها ونوازعها وخصائصها العامة. ويحاول دائما أن لا يرهق الانسانية في حسابه التشريعي، ولا يحلق بها في أجواء خيالية عالية فوق طاقاته وإمكاناتها.. وإنما يقيم مخططه الاقتصادي دائما على أساس النظرة الواقعية للانسان، ويتوخى الغايات الواقعية التي تتفق مع تلك النظرة. فقد يلذ لإقتصاد خيالي كالشيوعية مثلا، أن يتبنى غاية غير واقعية، ويرمي إلى تحقيق إنسانية جديدة طاهرة من كل نوازع الأنانية، قادرة على توزيع الأعمال والأموال بينها، دون حاجة إلى أداة حكومية تباشر التوزيع، سليمة من كل ألوان الاختلاف أو الصراع.. غير أن هذا لا يتفق مع طبيعة التشريع الإسلامي، وما اتصف به من واقعية في غاياته وأهدافه.
وهو - إلى هذا - واقعي في طريقته أيضا. فكما يستهدف غايات واقعية ممكنة التحقيق، كذلك يضمن تحقيق هذه الغايات ضمانا واقعيا ماديا، ولا يكتفي بضمانات النصح والتوجيه، التي يقدمها الوعاظ والمرشدون، لأنه يريد أن يخرج تلك الأهداف إلى حيز التنفيذ، فلا يقنع بإيكالها إلى رحمة الصدف والتقادير. فحين يستهدف مثلا إيجاد التكافل العام في المجتمع، لا يتوسل اليه بأساليب التوجيه