المجتمع الإنساني، ولم يوجد مجتمع كهذا، لأي كائن حي آخر؟. فإن الإنسان، لما كان قادرا على التفكير، فقد أتيح له وحده، أن يتخطى حدود الإحساس، فيغير من الواقع الذي يحسه، وبالتالي يغير من إحساساته نفسها، تبعا لتغيير الواقع المحسوس. ولم يتح هذا لأي حيوان آخر، لا يملك قدرة على التفكير، لأنه لا يستطيع ان يدرك ويفكر في شيء، سوى الواقع المحسوس، بأشكاله الخاصة، فلا يمكنه أن يغير الواقع إلى شيء آخر.
وهكذا كان التفكير، هو الذي خص الانسان بالقدرة، على تغيير الواقع المحسوس، تغييرا حاسما.
ولما كانت عملية تغيير الواقع هذه، تتطلب في كثير من الأحايين، جهودا متنوعة وكثيرة، فهي تتخذ لأجل ذلك طابعا اجتماعيا، إذ يقوم بها أفراد متعددون، وفقا لنوعية العملية ومدى الجهود التي تتطلبها، وبذلك توجد علاقة اجتماعية بينهم، لم يكن من الممكن أن توجد علاقة من لونها، بين أفراد نوع آخر من الحيوان. لأن الحيوانات الأخرى، حيث أنها ليست كائنات مفكرة، فهي عاجزة عن القيام بعمليات تغيير حاسم للواقع المحسوس، وبالتالي لا توجد فيما بينها علاقة اجتماعية، من ذلك اللون.
ومنذ يدخل الناس في عمليات مشتركة، لتغيير الواقع المحسوس، يصحون بحاجة إلى لغة. لأن الإشارات الحسية إنما تعبير عن الواقع المحسوس، ولا تستطيع أن تعبر عن فكرة تغييره، وعن الروابط الخاصة بين الأشياء المحسوسة التي يراد تعديلها أو تغييرها. فتوجد اللغة في حياة الانسان، إشباعا لهذه الحاجة، وإنما وجدت في حياته وحده، لأن الحيوان لم يشعر بمثل هذه الحاجة الانسانية التي كانت وليدة العمل الاجتماعي، القائم على أساس التفكير، لتغيير الواقع المحسوس، وإيجاد تعديلات حاسمة فيه.
ج - - الدليل العلمي:
يسير التفسير العلمي لظواهر الكون المتنوعة، في خط متدرج. فهو يبدأ بوصفه فرضية، أي تفسيرا افتراضيا للواقع، الذي يعالجه العالم، وحاول استكشاف أسراره