التبادلية للسلع، زاعمة: أنها ليست ذات قيمة تبادلية، ما دامت لا تعبر عن عمل منفق على إيجادها.
صحيح أن المادة الخام، وهي في باطن الأرض مثلا، وبصورة مجردة عن العمل البشري. تبدو تافهة، ولا تكتسب أهمية خاصة إلا عند امتزاجها بالعمل البشري. ولكن هذا لا يعني أن المادة ليس لها قيمة تبادلية، وأن القيمة كلها ناتجة عن العمل وحده، كما ترى الماركسية، إذ كما ينطبق هذا الوصف على المادة المعدنية في الأرض، كذلك ينطبق أيضا على العمل المنفق على استخراج المادة وتعديلها. فإن هذا العمل إذا عزل عن تلك المادة المعدنية، لم تكن له قيمة إطلاقا. فمن السهل أن نتصور تفاهة هذه الكمية من العمل البشري، التي أنفقت على استخراج معدن كالذهب، لو أنها كانت منفقة في مجالات العبث والمجون، أو على استخراج صخور لا تجدي نفعا. فالعنصران إذن (المادة والعمل) متفاعلان متضامنان، في تكون القيمة التبادلية للكمية المستخرجة، من المعدن مثلا، ولكل منهما دور إيجاب في تكوين بضاعة الذهب التي تتمتع بقيمة تبادلية خاصة، وفقا للمقياس السيكولوجي لها.
وكما يصبح للمواد نصيبها من قيمة السلع في ضوء المقياس السيكولوجي للقيمة، كذلك يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار مختلف عناصر الإنتاج. فالناتج الزراعي لا يستمد قيمته التبادلية، من كمية العمل المنفقة على إنتاجه فحسب، بل ان للأرض أثرا في هذه القيمة، بدليل أن تلك الكمية من العمل نفسها، قد تنفق في زراعة الأرض بما هي أقل صلاحية له، فتحصل على ناتج لا يتمتع بنفس تلك القيمة التبادلية التي يملكها الناتج الأول. وإذا كان للمواد الخام وعناصر الإنتاج المختلفة، أثر في تكوين قيمة السلعة، فليست القيمة كلها - إذن - نابعة من العمل، وليس صاحب العمل هو المصدر الوحيد لقيمة السلعة، وبالتالي ليس من الواجب أن تكون القيمة الفائضة (الربح) جزءا من القيمة التي يخلقها العامل، ما دام يمكن أن تكون تعبيرا، عما لمواد الإنتاج الطبيعة من نصيب في قيمة السلعة المنتجة.