تكون الملكية الاشتراكية هي الأطروحة. فما هو النقيض الذي ستلده وتنمو بالاندماج معه؟. يمكننا أن نفترض أن الملكية الشيوعية هي النقيض، أو النفي الأول للاشتراكية، ولكن ما هو نفي النفي (التركيب)؟. إن الديالكتيك سوف يبقى حائرا، بإزاء تأكيد الماركسية، على أن الشيوعية هي المرحلة العليا من التطور البشري.
في ضوء المادية التاريخية:
ولندرس الآن المادية التاريخية في ضوء جديد، في ضوء المادية التاريخية ذاتها. وقد يبدو غريبا لأول وهلة، أن تكون النظرية، أداة للحكم على نفسها. غير أننا سنجد فيما يلي، أن المادية التاريخية، تكفي بمفردها للحكم على نفسها، في مجال البحث العلمي.
إن المادية التاريخية لما كانت نظرية فلسفية عامة، لتركيب المجتمع وتطوره، فهي تعالج الأفكار والمعارف الإنسانية عامة، بوصفها جزءا من تركيب المجتمع الإنساني، فتعطي رأيها في كيفية تكون المعرفة الإنسانية وتطورها، كما تعطي رأيها في كيفية نشوء الأوضاع السياسة والدينية وغيرها... ولما كان الوضع الاقتصادي في رأي المادية التاريخية هو الأساس الواقعي للمجتمع بكل نواحيه، فمن الطبيعي لها أن تفسر الأفكار والمعارف على أساسه ولذلك نجد المادية التاريخية، تؤكد أن المعرفة الإنسانية، ليست وليدة النشاط الوظيفي للدماغ فحسب، وإنما يكمن سببها الأصيل، في الوضع الاقتصادي. ففكر الإنسان، انعكاس عقلي للأوضاع الاقتصادية، والعلاقات الاجتماعية، التي يعيشها وهو ينمو ويتطور، طبقا لتطور تلك الأوضاع والعلاقات.
وعلى هذا الأساس، شيدت الماركسية نظريتها في المعرفة، وقالت بالنسبية التطورية، وإن المعرفة ما دامت وليدة ظروفها الاقتصادية والاجتماعية، فهي ذات قيمة نسبية، محدودة بتلك الظروف، ومتطورة تبعا لها. فلا توجد حقيقة مطلقة، وإنما تتكشف الحقائق بشكل نسبي، من خلال العلائق الاجتماعية، وبالمقدار الذي تسمح به هذه العلائق.