وتغفل الماركسية في هذا العرض عدة نقاط جوهرية في الموضوع.
فأولا: ان تحول المجتمع الروماني مثلا، من النظام العبودي إلى الإقطاع، لم يكن تحولا ثوريا، منبثقا عن صراع الطبقة المحكومة، كما يفرضه المنطق الديالكتيكي للمادية التاريخية.
وثانيا: ان هذا التحول الاجتماعي والاقتصادي، لم يسبقه أي تطور في القوى المنتجة. كما تتطلبه الفرضية الماركسية القائمة على أساس: ان وسائل الإنتاج هي القوة العليا المحركة للتاريخ.
وثالثا: إن الوضع الاقتصادي، الذي هو أساس الأوضاع الاجتماعية في رأي الماركسية، لم يكن في تغيره التاريخي معبرا، عن مرحلة تكاملية من تاريخه، بل مني بنكسة، خلافا لمفاهيم المادية التاريخية، التي تؤكد أن التاريخ يزحف في حركته إلى الأمام دائما، وأن الوضع الاقتصادي هو طليعة هذا الزحف الدائم، ونعالج هذه النقاط الثلاث بتفصيل.
أ - لم يكن التحول ثوريا:
إن تحول المجتمع الروماني مثلا من نظام الرق إلى نظام الإقطاع، لم يكن نتيجة لثورة طبقية، في لحظة فاصلة من لحظات التاريخ، بالرغم من أن الثورة قانون حتمي في المادية التاريخية لكل التحولات الاجتماعية، وفقا للقانون الديالكتيكي (قانون قفزات التطور) القائل: بأن التغييرات الكمية التدريجية، تتحمل إلى تغير كيفي دفعي، وهكذا عطل هذا القانون الديالكتيكي عن العمل، ولم يؤثر في تحولي المجتمع العبودي إلى إقطاعي، بشكل ثوري آني، وإنما تحول المجتمع - حسب إيضاحات الماركسية نفسها - عن طريق السادة أنفسهم، إذ اخذوا يعتقون كثيرا من عبيدهم، ويقسمون الأملاك الكثيرة إلى أجزاء صغيرة، ويعطونها إليهم، بعد أن أحسوا بأن نظام الرق لا يضمن لهم مصالحهم (1).