فكيف نفسر تلك الثورات من العبيد، التي سبقت تطور العبودية إلى الاقطاع بستة قرون، في إطار هذه النظرية الضيقة إلى الثورات، وإذا كان تبرم المضطهدين ينشأ دائما، كتعبير عن تعثر أسلوب الإنتاج، لا عن حالتهم النفسية والواقعية، فلماذا تبرمت تلك الجماهير من العبيد، وعبر عن تبرمها تعبيرا ثوريا، كاد أن يعصف بالإمبراطورية، قبل أن يتعثر أسلوب الإنتاج، القائم على النظام العبودي، وقبل أن توجد الضرورة التاريخية لتطويره بعدة قرون.
ب - لم يسبق التحول الاجتماعي أي تجدد في قوى الإنتاج:
من الواضح عن الماركسية أنها تؤمن: بأن أشكال العلاقات الاجتماعية تابعة لأشكال الإنتاج. فكل شكل من الإنتاج، يتطلب شكلا خاصا من علاقات الملكية الاجتماعية، ولا تتطور هذه العلاقات إلا تبعا لتغير شكل الإنتاج، وتطور القوى المنتجة.
((إن أي تكوين اجتماعي، لا يموت أبدا، قبل أن تتطور القوى المنتجة، التي تستطيع أن يفسح لها المجال ماركس)) (1).
وبينما تؤكد الماركسية هذا، نجد أن شكل الإنتاج كان واحدا في المجتمع العبودي والإقطاعي معا، ولم تتغير العلاقات العبودية إلى إقطاعية نتيجة لأي تطور أو تجديد في القوى المنتجة السائدة، التي كانت لا تعدو مجالات الزراعة والخدمة اليدوية. ومعنى ذلك أن التكوين الاجتماعي والعبودي، قد مات قبل أن تتطور القوى المنتجة، خلافا لتأكيد ماركس الآنف الذكر.
وفي مقابل ذلك نجد: أن أشكالا متعددة من الإنتاج ودرجات مختلفة، تخطتها القوى المنتجة خلال آلاف السنين، دون أن يحصل أي تحول في الكيان الاجتماعي باعتراف الماركسية نفسها. فالانسان البدائي كان يستعين في إنتاجه بالأحجار الطبيعية، ثم استعان بأدوات حجرية، وبعد ذلك استطاع أن يكتشف النار، وأن يصنع الفؤوس والحراب، ثم تطورت قوى الإنتاج، فظهرت الأدوات المعدنية والسهام