تلخيص:
تحدثنا حتى الآن عن الفرق بين الاقتصاد بشكل عام وعلم الاقتصاد، والفرق بين المذهب الاقتصادي والقانون المدين، وعرفنا على هذا الأساس أن من الخطأ أن نتحدث عن المذهب الاقتصادي الإسلامي بوصفه علما، أو باعتباره مجموعة من التشريعات في مستوى القانون المدني الذي ينظم أحكام المعاملات وما إليها.
وليس هذا فقط، فقد عرفنا إلى ذلك أيضا طبيعة العلاقة بين المذهب والقانون، وسوف يكون لهذه العلاقة أثرها الكبير في العملية التي نمارسها في هذا الكتاب، كما سنرى إن شاء الله تعالى.
وآلان وقد اتفقنا على وجود المذهب الاقتصادي في الإسلام بتمييزه عن علم الاقتصاد، وفقنا بين المذهب والقانون مع إدراك نوع العلاقة بينهما، فلنتحدث عن العملية التي نمارسها في هذا الكتاب بشأن الاقتصاد الإسلامي، ونحدد نوعيتها ومعالمها الرئيسية، ونشرح منهجنا في ممارستها على ضوء المعلومات السابقة عن المذهب بشكل عام وتميزه عن العلم والقانون، وعلى ضوء نوع العلاقة التي تربط القانون المدني بالمذهب.
عملية اكتشاف وعملية تكوين:
إن العملية التي نمارسها في دراستنا للمذهب الاقتصادي الإسلامي تختلف عن طبيعة العمل الذي مارسه الرواد المذهبيون الآخرون، فان الباحث الإسلامي يحس منذ البدء بالفارق الأساسي بين موقفه من المهمة التي يحاول إنجازها، وموقف أي باحث مذهبي آخر ممن مارسوا عملية البحث المذهبي في الاقتصاد، وبشروا بمذاهب اقتصادية معينة كالرأسمالية والاشتراكية.
وهذا الفارق الجوهري هو الذي يحدد لكل من البحثين، الإسلامي وغيره،