الصدق في تصوير واقع التشريع الإسلامي. وليس إمكان صدقها أبعد من إمكان صدق أي صورة أخرى من الصورة الكثيرة، التي يزخر بها الصعيد الفقهي الاجتهادي، وهي بعد ذلك تحمل مبرراتها الشرعية لأنها تعبر عن اجتهادات إسلامية مشروعة، تدور كلها في فلك الكتاب والسنة. ولأجل ذلك يصبح بالإمكان للمجتمع الإسلامي أن يختارها في مجال التطبيق، من بين الصور الاجتهادية الكثيرة للشريعة، التي يجب عليه أن يختار واحدة منها.
وهذا كل ما يمكن إنجازه في عملية الاكتشاف للاقتصاد الإسلامي، عندما يعجز الاجتهاد الشخصي للممارس عن تكوين النقطة المناسبة للانطلاق بل إن هذا هو كل ما نحتاج اليه تقريبا بهذا الصدد. وماذا نحتاج بعد أن نكتشف مذهبا اقتصاديا، يتمتع بإمكان الصدق والدقة في التصوير، بدرجة لا تقل عن حظ أي صورة اجتهادية أخرى، وتتوفر فيها مبررات النسب الإسلامي، باعتبار انتسابها إلى مجتهدين أكفاء، وتحمل من الإسلام رخصة التطبيق في الحياة الإسلامية؟!.
خداع الواقع التطبيقي:
قد دخل المذهب الاقتصادي في الإسلام حياة المجتمع بوصفه النظام السائد في عصر النبوة، وعاش على صعيد التطبيق مجسدا في واقع العلاقات الاقتصادية، التي كانت قائمة بين أفراد المجتمع الإسلامي يومذاك. ولأجل هذا يصبح من الممكن - خلال عملية اكتشاف الاقتصاد الإسلامي - أن ندرسه ونبحث عنه على الصعيد التطبيقي، كما ندرسه ونبحث عنه على الصعيد النظري. فإن التطبيق يحدد ملامح الاقتصاد الإسلامي وخصائصه، كما تحددها نصوص النظرية في مجالات التشريع.
ولكن النصوص التشريعية للنظرية أقدر على تصوير المذهب من الواقع التطبيقي، لأن التطبيق نص تشريعي في ظرف معين قد لا يستطيع أن يعكس المضمون الضخم لذلك النص، ولا أن يصور مغزاه الاجتماعي كاملا، فيختلف إلهام التطبيق