وهنا نصل إلى النقطة الأساسية في شأن هاتين الصورتين، وهي أنهما تختلفان في قيمتهما دون شك في كل سوق، مهما كانت طبيعته السياسية، ومهما كانت نسبة العرض فيه إلى الطلب، فإن أحدا لا يقبل أن يستبدل الصورة الرائعة بالصورة الأخرى، ولو كان الطلب والعرض متعادلين، وهذا يعني: أن الصورة الرائعة تستمد قيمتها من عنصر لا يوجد في الصورة الأخرى، وليس هذا العنصر هو كمية العمل، لأن روعة الصورة - كما عرفنا - لا تعبر عن عمل كمي زائد، وإنما تعبر عن نوعية العمل المنفق على إنتاجها - فلا يكفي إذن المقياس الكمي للعمل - أو دقائق الساعة بتعبير آخر - لضبط قيمة السلع، التي تتجسد فيها تلك الكميات المختلفة من العمل. فليس من الممكن أن نجد دائما، في كمية العمل الفردي أو الاجتماعي.. تفسيرا لتفاوت السلع في قيمتها التبادلية، لأن مرد هذا التفاوت أحيانا إلى الكيف لا إلى الكم، الكم، إلى الصفة والنوعية لا إلى عدد ساعات العمل.
هذه بعض الصعوبات العلمية التي تعترض طريق ماركس، وتبرهن على عدم كفاية القانون الماركسي لتفسير القيمة التبادلية. ولكن ماركس - بالرغم من كل هذه الصعاب - وجد نفسه مضطرا إلى قانونه هذا، كما يبدو - بكل وضوح - من تحليله النظري للقيمة، الذي استعرضناه في مستهل هذا البحث، لأنه حين حاول أن يستكشف الامر المشترك بين السلعتين المختلفتين، كالسرير والثوب... أسقط من الحساب. المنفعة الاستعمالية، وجميع الخصائص الطبيعة والرياضية، لأن السرير يختلف عن الثوب في منفعته، وخصائصه الفيزيائية والهندسة. وبدا له - عندئذ - أن الشيء الوحيد الذي ظل مشترك بين السلعتين، هو العمل البشري المنفق خلال إنتاجهما، وهنا يكمن الخطأ الأساسي في التحليل، فإن السلعتين المعروضتين في السوق بثمن واحد، وإن كانتا مختلفتين في منفعتهما، وفي خصائصهما الفيزيائية والكيميائية والهندسية، ولكنهما بالغرم من ذلك مشتركتان في صفة سيكولوجية موجودة بدرجة واحدة فيهما معا، وهي الرغبة الانسانية في الحصول على هذه السلعة وتلك. فهناك رغبة اجتماعية في السرير، ورغبة اجتماعية في الثوب، ومرد