فساعة من العمل في ظل شروط نفسية ملائمة، أكثر كفاية في إنتاجها من ساعة عمل في ظل شروط معاكسة. فكما يجب أن نقيس كمية العمل - وهذا هو العنصر الموضوعي في المقياس - كذلك يجب أن نقيس أيضا نوعية العمل وأوصافه، في ضوء العوامل النفسية المختلفة التي تؤثر فيه، وهذا هو العنصر الذاتي في المقياس.
ومن الواضح أنا إذا كنا نملك دقائق الساعة، بوصفه مقياسا للعنصر الموضوعي ضبط كمية العمل، فلا نملك مقياسا نقيس به العنصر الذاتي للعمل، ونوعيته وأوصافه التي تحدد طبقا له.
فبم تتخلص الماركسية من هاتين المشكلتين: مشكلة قياس عام للكميات الفنية وغير الفنية من العمل، ومشكل قياس نوعي لكفاية العمل، وفقا للمؤثرات النفسية والعضوية والذهنية، التي تختلف بين عامل وآخر.
أما المشكلة الأولى، فقد حاولت الماركسية حلها عن طريق تقسيم العمل إلى: بسيط ومركب فالعمل البسيط هو الجهد الذي يعبر عن طريق القوة الطبيعية التي يملكها كل إنسان سوي، بدون تنمية خاصة لجهازه العضوي والذهني، كعمل الحمال. والعمل المركب هو: العمل الذي تستخدم فيه الامكانات والخبرة، التي اكتسبت عن طريق عمل سابق، كأعمال المهندس والطبيب. فالمقياس العام للقيمة التبادلية هو العمل البسيط. ولما كان العمل المركب عملا بسيطا مضاعفا، فهو يخلق قيمة تبادلية أكبر مما يخلقه العمل البسيط المجرد. فالعمل في أسبوع الذي ينفقه المهندس الكهربائي، على صنع جهاز كهربائي خاص، أضخم من عمل أسبوع ينفقه الحمال، على حمل الأثقال، نظرا إلى ما يتضمنه عمل المهندس من جهد وعمل سباق، بذل في سبيل اكتساب الخبرة الهندسية الخاصة.
ولكن هل يمكن أن نفسر الفرق بين العمل الفني وغيره على هذا الأساس؟ إن هذا التفسير الماركسي للتفاوت، بين عمل المهندس الكهربائي وعمل العامل البسيط يعين: أن المهندس الكهربائي إذا أنفق عشرين سنة مثلا، في سبيل الظفر بدرجة علمية وخبرة فنية في الهندسة الكهربائية، ومارس العمل بعد ذلك عشرين