وعلى هذا الأساس، إذا كان العامل المنتج يتمتع بشروط ترفعه عن الدرجة الوسيطة اجتماعيا، يصبح بإمكانه أن يخلق لبضاعته خلال عمل ساعة، قيمة أرقة من القيمة التي يخلقها العامل الوسطى خلال تلك الساعة، لأن ساعة من عمله تفوق ساعة من معدل العمل الاجتماعي للعمل. فالمعدل الاجتماعي للعمل، ولمختلف العوامل المؤثرة فيه، هو المقياس العام للقيمة.
والخطأ الذي ترتكبه الماركسية بهذا الصدد، هو أنها تدرس المسألة دائما بوصفها مسألة كمية. فالشروط العالية التي تتهيأ للعامل، ليست - في نظر الماركسية - إلا عوامل تساعد العامل، على إنتاج كمية أكبر في وقت اقصر، فتصبح الكمية التي ينتجها في ساعة، أوفر من الكمية المنتجة في ساعة من معدل العمل الاجتماعي، وبالتالي أكثر قيمة منها. بينما ينتج هذا العامل مترين من النسيج في ساعة واحدة، ينتج العامل الوسطى خلال تلك الساعة مترا واحدا فقط. فيكون للمترين ضعفا قيمة هذا المتر الواحد، لأنهما يعبران عن ساعتين من العمل الاجتماعي العام، وإن تم إنتاجهما في الواقع بساعة واحدة من العمل الممتاز.
ولكن الشيء الجدير بالملاحظة، هو أن الشروط الذهنية والعضوية والنفسية، التي لا يتمتع بها العامل الوسطي... لا تعني دائما زيادة كمية في منتوج العامل الذي يحظى بتلك الشروط. بل قد تعني أحيانا امتيازا كيفيا في السلعة المنتجة. كما إذا كان هناك رسامان، تستغرق عملية التصوير عند كل منهما ساعة، ولكن الاستعداد الطبيعي عند أحدهما يجعل الصورة التي يرسمها أروع من الصورة الأخرى. فالمسألة هنا ليست مسألة إنتاج كمية أضخم في وقت أقصر، بل الذي لا يملك تلك الموهبة الطبيعية لا يستطيع ان يأتي بنظير تلك الصورة، ولو ضاعف الوقت الذي ينفقه على عملية التصوير. فلا تستطيع إذن القول: بأن الصورة الأكثر روعة تعبر عن ساعتين من العمل الاجتماعي العام، فإن ساعتين من العمل الاجتماعي العام لا تكفي أيضا لإنتاج هذه الصورة، التي أبدعها الرسام الموهوب بفضل استعداده الطبيعي.