المجتمع الرأسمالي، إنما نستهدف من وراء ذلك إلى تزييف هذه الملاحظات، وتبرير الرأسمالية، نظرا إلى كونه واقعا معترفا به في المجتمع الإسلامي، الذي يؤمن بالملكية الرأسمالية لوسائل الإنتاج، ويرفض الأخذ بمبدأ الملكية الاشتراكية، فما دام الإسلام يحتضن الرأسمالية، فيجب إذن على المذهبيين الإسلاميين أن يفندوا مزاعم الماركسية، حول الواقع الرأسمالي المعاش في تاريخنا الحديث، ويقدموا الدليل على خطأ التحليل الماركسي، فيما يبرزه من مضاعفات هذا الواقع وتناقضاته، ونتائجه الفظيعة التي تشتد وتتفاقم حتى تقضي عليه..
قد يتبادر إلى الأذهان شيء من هذا، ولكن الواقع أن الموقف الإسلامي للباحث، لا يفرض عليه أن ينصب نفسه مدافعا عن الواقع الرأسمالي المعاش، وأنظمته الاجتماعية، وإنما يجب إبراز الجزء المشترك بين المجتمع الإسلامي والمجتمع الرأسمالي، ودرس التحليل الماركسي، ليتبين مدى علاقته بهذا الجزء المشترك.
فمن الخطأ إذن ما يتجه اليه بعض المذهبيين الإسلاميين، من الدفاع عن واقع الرأسمالية الغربية، وإنكار ما يضج به من أخطاء وشرور، ظنا منهم بأن هذا هو السبيل الوحيد لتبرير الاقتصاد الإسلامي، الذي يعرف بالملكية الخاصة.
كما أن من الخطأ أيضا - وقد عرفنا أن العامل الاقتصادي ليس هو العامل الأساسي في المجتمع - الطريقة التي اتخذها ماركس في تحليل المجتمع الرأسمالي، والكشف عن عوامل الدمار فيه، إذ اعتبر جميع النتائج التي تكشف عنها المجتمع الرأسمالي على مسرج التاريخ، وليدة مبدأ أساسي لهذا المجتمع، وهو مبدأ الملكية الخاصة فكل مجتمع يؤمن بالملكية الخاصة، يسير حتما في الاتجاه التاريخي الذي سار فيه المجتمع الرأسمالي، ويمنى بنفس النتائج والتناقضات.
وهكذا أرى من الضروري، لتصفية الحساب مع موقف الماركسية من المجتمع الرأسمالي، أن نؤكد دائما على هاتين الحقيقتين:
أولا: إن الهدف المذهبي للباحثين المسلمين في الاقتصاد، لا يفرض عليهم أن يصححوا أوضاع المجتمع الرأسمالي، ويتنكروا للحقائق المرة التي تعصف به.