هاتين الرغبتين إلى المنفعة الاستعمالية، التي يتمتع بها السرير والثوب. فهما وإن كانا مختلفين في نوعية المنفعة التي يؤديها كل منهما، ولكنهما يشتركان في نتيجة واحدة، أن يعتبر العمل أساسا للقيمة، بوصفه الأمر المشترك الوحيد بين السلع المتبادلة، كما زعمت الماركسية.. ما دمنا قد وجدنا أمرا مشتركا بين السلعتين، غير العمل المنفق على إنتاجهما.
وبذلك ينهار الاستدلال الرئيسي الذي قدمه لنا ماركس على قانونه، ويصبح من الممكن أن تحل الصفة السيكولوجية المشتركة موضع العمل، وتتخذ مقياسا للقيمة ومصدرا لها. وعندئذ فقط يمكننا أن نتخلص من الصعوبات السابقة التي اعترضت ماركس، وان نفسر - في ضوء هذا العنصر الجديد المشترك - الظواهر التي عجز قانون القيمة الماركسي عن تفسيرها. فالخط الأثري، والنسخة المطبوعة من تاريخ الكامل، اللذان كنا نفتش عن الأمر المشترك بينهما، فلم نجده في العمل، لاختلاف كمية التبادلية في هذا المقياس السيكولوجي الجديد. فالخط الأثري والنسخة المطبوعة من تاريخ الكامل، إنما يتمتعان بقيمة تبادلية واحدة، لأن الرغبة الاجتماعية موجودة فيهما بدرجة متساوية.
وكذلك تذوب سائر المشاكل الأخرى في ضوء هذا المقياس الجديد.
ولما كانت الرغبة في السلعة ناتجة عن منفعتها الاستعمالية، فلا يمكن إذن أن نسقط المنافع الاستعمالية من حساب القيمة. ولذلك نجد أن السلعة التي ليس لها منفعة، لا تملك قيمة تبادلية إطلاقا، مهما انفق على إنتاجها من عمل. وقد اعترف ماركس نفسه بهذه الحقيقة، ولكنه لم يوضح لنا - ولم يكن من الممكن له أن يوضح - سر هذا الترابط، بين المنفعة الاستعمالية والقيمة التبادلية، وكيف دخلت المنفعة الاستعمالية في عملية تكوين القيمة التبادلية، مع أنه أسقطها منذ البدء، لأنها تختلف من سلعة لأخرى؟! وأما في ضوء المقياس السيكولوجي، فالترابط بين المنفعة والقيمة واضح تماما، ما دامت المنفعة هي أساس الرغبة، والرغبة هي مقياس القيمة ومصدرها العام.