واحدة منها قيمة استعمالية معينة، بسبب المنفعة التي تؤديها السلعة، وتختلف قيمها الاستعمالية تبعا لاختلافها في نوعية المنفعة التي يجنيها الإنسان منها. ولكل واحدة من تلك السلع قيمة من نوع آخر، فإن السرير الخشبي الذي ينتجه الصانع، كما يمكن أن ينام عليه - وهذا ما يحدد قيمته الاستعمالية - كذلك يمكنه أن يستبدله بثوب يلبسه. وهذا يعبر عن القيمة التبادلية. فالثوب والسرير، بينما كانا متناقضين في منافعهما وقيمهما الاستعمالية، نجد أنهما يشتركان في قيمة تبادلية واحدة، أي ان كلا منهما يمكن استبداله بالآخر في السوق، لأن سريرا خشبيا واحدا يساوي ثوبا حريريا من نوع معين.
وهذه المعادلة تعين أنه يوجد ثمة في شيئين مختلفين: السرير والثوب، شيء مشترك، بالرغم من اختلاف منافعهما وموادهما. فالشيئان هما إذن مساويان لشيء ثالث، ليس في ذاته سريرا ولا ثوبا. وهذا الشيء الثالث لا يمكن أن يكون خاصة طبيعية أو هندسية للبضائع، لأن خصائصهما الطبيعية لا تدخل في الحساب، إلا بقدر ما تمنحها من منفعة استعمالية، ولما كانت القيم والمنافع الاستعمالية في الثوب والسرير مختلفة، فيجب أن يكون الشيء الثالث المشترك بينهما، أمرا غير القيم الاستعمالية ومقوماتها الطبيعة فإذا أسقطنا من الحساب هذه القيم وطرحنا جميع الخصائص الطبيعية للثوب والسرير، لا يبقى بين أيدينا إلا الصفة الوحيدة، التي تشترك فيها السلعتان، وهي: العمل البشري، فكل منهما تجسيد لكمية خاصة من العمل، ولما كانت الكميتان المنفقتان على السرير والثوب متساويتين، نتج عن ذلك تساويهما في القيمة التبادلية أيضا...
وهكذا ينتهي تحليل عملية التبادل إلى: أن العمل هو جوهر القيمة التبادلية (1).
ويتحدد ثمن السلعة في السوق بصورة أساسية، طبقا لقانون القيمة التبادلية هذا، أي لكمية العمل البشري المتجسد فيها. غير أن الثمن السوقي لا يطابق مع القيمة التبادلية الطبيعية، التي يحددها القانون الآنف الذكر، إلا في حالة معادلة العرض