فهل هناك أصل ثانوي يقتضي الصحة وعدم دخل المشكوك في تأثير العقد أو لا؟
فنقول: أما مثل حديث الرفع (1) - بناء على شموله للآثار الوضعية - فلا مانع من التمسك به ورفع شرطية ما يحتمل شرطيته في تأثير العقد، لكونها مجهولة ويناسبه الامتنان وإمضاء ما تعاقد عليه المتعاملان عن الرضا، بخلاف ما يشك دخله في اللزوم فإن نفي شرطيته لا يناسب الامتنان، لأن مقتضاه اللزوم مع عدمه، فيقع المتعاملان بسبب رفع شرطيته في ضيق الوفاء، إلا أن فيه ما سيجئ (2) من الاشكال.
وأما مثل الاستصحاب فربما يمكن توهم جريانه ونفي شرطية مشكوك الشرطية، نظرا إلى أن الأسباب وشرائطها جعلية مسبوقة بالعدم فيمكن التعبد بعدمها، واعتبار الملكية شرعا عند العقد بذاته أو بماله الخصوصية مجعول بالأصالة، وسببية العقد وشرطية الخصوصية للاعتبار المجعول مجعولة بالتبع، ولا فرق في قبول الوضع والرفع بين المجعول بالأصالة أو بالتبع كما حقق في محله (3)، ولذا قلنا بجريان الاستصحاب وحديث الرفع في نفي الجزئية والشرطية مع أنهما أيضا مجعولتان بالتبع لا بالأصالة.
وفيه أولا: ما ذكرنا في محله (4) من أن هذه الأمور الانتزاعية وإن كانت جعلية بالتبع، إلا أنها لوازم تكوينية لمجعول تشريعي، لا أنها لوازم تشريعية له.
بيانه: أن المراد من الجعل إيجاد ما لم يكن، فتارة يصدر عن موجده بما هو مبدء وجاعل هويات الممكنات، وأخرى بما هو شارع الشرايع والأحكام، فما صدر منه بالاعتبار الأول يسمى مجعولا تكوينيا، وما صدر منه بالاعتبار الثاني يسمى مجعولا تشريعيا، وملاكه الواقعي أن إيجاد شئ تارة باعتبار ما فيه من المصلحة الدخيلة في نظام الكل ونظام التكوين، وأخرى باعتبار ما فيه من المصلحة العائدة إلى خصوص