عليه شوطا بعيدا قد يتوفق لبلوغه الجبل الآتي إذا قدر لكنوز مؤلفات شيخنا المترجم أن تدرس وتحقق من جديد، ليعلم الناس أن في هذه الكنوز الثمينة من الآراء الناضجة ما يعطي للعلم صبغته الجديدة التي يستحقها، ومن التحقيقات ما ينسخ كل ما نسج عليه المتقدمون فيصبح مهلهلا.
وعسى أن يخال للقارئ أن كلمتي هذه جرت على عادة الكتاب في مبالغاتهم عمن يترجمون، ولكن أسجل كلمتي هذه للجيل الآتي ليشهد هو على صدق مقالتي، لأنه هو الذي سيفهم ما أقوله وما يدريني لعله سيوجه إلى كلمة العتاب القارصة، إذ لم أستطع أن أقوم بواجب تحليل شخصية هذا العظيم الذي سيعرفها هو حق عرفانها، ولكن ليذكر هذا الجيل الآتي إني أنا الذي تفألت له بعرفان هذه الشخصية العظيمة، وبشرته أنه سيبني كل أبحاثه الآتية في الفقه والأصول على أساس نظريات هذا العظيم المحكمة، وسيتخذ طريقته المثلى منهاجا للبحث، فسبقت إلى فضيلة هذا التفاؤل العلمي، وما يضيرني أن يظن بي البعض الظنون فيرميني بالغلو كما ترمي كل تلامذة هذا الأستاذ الذين لهم مثل هذا الاعتقاد طبعا، إلا أنه ليعلم أن أول فتح لهذا الفأل نشر هذا الكتاب الذي بين أيدينا حاشية المكاسب، إذ يصبح في متناول كل باحث مفكر، وهل يلذ لمقتطف هذه الشجرة الطيبة التي تأتي أكلها كل حين شهيا أن يقتطف من غير هذه النبعة؟! وهل يطيب لمن عب من هذا البحر الفرات أن يحتسي من غير وروده؟!! إني أباهلك أيها المطالع إن كنت من ذوي العلم والبصيرة.
فلسفته: تلمذ وتخرج في الفلسفة على الفيلسوف الشهير الحكيم العارف الرباني الميرزا محمد باقر الاصطهباناتي، فاستبطن كل دقائقها، ودقق كل مستبطناتها له من كل مسألة رأي محكم، وفي كل بحث تنقيح نادر، وتظهر آراؤه وتحقيقاته الفلسفية واصطلاحات الفلسفة على جميع آثاره وأبحاثه، حتى في أرجوزته في مدح النبي المختار وآله الأطهار عليهم جميعا الصلاة والسلام، بل أرجوزته هذه قطعة فلسفية رائقة أفرغها في ثوب من الأدب العالي، قد أوضحت رأي الفلاسفة المؤمنين في محمد وآل بيته نور الأنوار وعلل الكائنات على ما أشارت إليه الآيات القرآنية وصرحت به الأحاديث الصحيحة، فقال في النبي المختار (صلى الله عليه وآله).