فإن قلت: ما ذكرت من التقييد لطبيعي الزمان الوحداني، إنما يصح إذا كان تقييد طبيعي الزمان الوحداني المستمر من الابتداء أو في الانتهاء، فإنه بالتقييد بأحد الوجهين لا يخرج الواحد المستمر عن كونه كذلك، بخلاف ما إذا كان في الأثناء، فإنه يوجب أن يكون الواحد المتصل المستمر حكمين مفصولين بتخلل العدم في البين.
قلت: هذا هو الباعث على اختيار شيخنا الأستاذ العلامة (1) للتفصيل بين التخصيص في الأثناء وغيره، لكنا قد بينا في (2) محله، بأن الاشكال إن كان بالنظر إلى مقام الثبوت، فقد مر أن الحكم بالوفاء متعدد لبا وحقيقة لتعدد الإطاعة والعصيان، ففي الواقع أحكام متعددة مفصولة لفرض ثبوت كل منها في زمان مختص به، فلم يلزم تعدد الواحد ولا انفصال المتصل.
وإن كان بالنظر إلى مقام الاثبات وظهور الدليل في جعل حكم وحداني لموضوع وحداني في زمان وحداني بالوحدة الاتصالية، فقد مر أن تلك الوحدات طبيعية نوعية لا حقيقية شخصية، فالمتكلم يلاحظ المتكثرات بنحو الوحدة مضافا إلى واحد نوعي في طبيعي زمان لوحظ بنحو الوحدة، فيلاحظ طبيعي الوجوب المضاف إلى طبيعي الوفاء في ظرف طبيعي ما عدا الزمان الخاص، كما إذا أمر باكرام زيد في الشهر ما عدا يوم السبت، فالشهر الخارج عنه يوم السبت لم يلاحظ متفرقا في عالم جعله ظرفا، وإن كان متفرقا في غير هذه المرحلة، وهذا المعنى كما يكون بدال واحد كذلك يكون بدالين، وتخلل العدم في مرحلة الخارج لا دخل له بتخلل العدم في مرحلة ثبوت الحكم لموضوعه في ظرف مخصوص.
ولولا هذه العناية لورد على التقييد في الابتداء والانتهاء، بأنه وإن لم يلزم منهما تعدد الواحد وانفصال المتصل، لكنه يلزم عليه تبعض الواحد وتجزئ البسيط، مع أن الواحد لا يتبعض والبسيط لا يتجزئ، والمفروض دلالة العام على حكم وحداني بسيط من أول انعقاد العقد إلى آخره.