والمعلقات إلى غير ذلك مما لا تعد ولا تحصى، وانكار السيرة مكابرة، ودعوى عدم المبالاة فيها أو عدم استمرارها إلى زمان المعصوم فاسدة، مع ما هو المعلوم من حال مسجد الحرام وأستار الكعبة وزينتها ومسجد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وما يتعلق به مما لا يكاد يشك عاقل في عدم إجراء الصيغة في شئ منها، ولا ردع عنها، والاكتفاء بالردع من الصدر الأول إلى زماننا بالاجماع المتعبد من فتاوى أرباب الكتب لا يتفوه به فقيه، وكشفه عن وجود رادع من قبل، مع عموم البلوى والعناية التامة بنقله لو كان مما لا ينبغي الالتزام به من أحد، فلا ينبغي المنع من جريان المعاطاة في الوقف.
وأما حديث اللزوم والجواز فنقول:
الوقف وإن كان مفهوما هو السكون والاسكان الملازم للحبس، باعتبار جعل العين محبوسة ساكنة عن الجريان في أنحاء التقلبات الواردة عليها، التي باعتبارها يكون لها جريان وحركة في قبال السكون والانحباس، لكن حبسها لا يوجب أن يكون اللزوم ذاتيا له كما ذكرنا في الرهن، بل اللزوم هنا من لوازمه وأحكامه، فالجواز ينافي حكمه لا ذاته وحقيقته، وذلك لأن الحبس في الرهن حبس خاص وهو الحبس لغاية الأداء أو لغاية الاستيفاء، فجواز الرجوع فيه مع نفوذ الحبس لتلك الغاية متنافيان، بخلاف الحبس عن التصرفات الواردة على العين فإنه بذاته لا ينافي جواز رفع الحبس بل يؤكد ثبوته جواز رفعه.
نعم بناء على أن حقيقة الوقف هو الحبس عن التصرفات يكون جواز بيعه منافيا لذاته، بداهة تنافي الممنوعية من التصرفات وعدمها ولو بالإضافة إلى تصرف واحد، وليس التصرف برفع الحبس من التصرفات التي كانت للمالك حتى يقال بأنه بانشائه للوقف جعل نفسه ممنوعة عنه أيضا، بل هو بمقتضى سلطانه على ماله له أن يحبس وله أن لا يحبس، لا أنه له أن يحدث الحبس وله أن يزيله، كما أنه ليس له إعادة سلطانه بعد نقله إلى الغير، فسلطانه على الإعادة وعلى رفع الحبس لا محالة بسبب جديد، لا بنفس سلطنته المتفرعة على ملكه حتى يكون داخلا في تصرفاته التي جعل نفسه ممنوعا عنها، ليكون جواز رفع الحبس منافيا لذات الوقف، فتدبر