بقي هنا شئ وهو: أنه لو فرض تسبيب (1) كل منهما إلى الملكية فهل يكون صلحا أو معاملة مستقلة.
أما كونه صلحا فلتخيل أن الصلح يمتاز عن سائر العقود بتركبه من ايجابين، لكون كل منهما مسالما مع الآخر، وليس حقيقة الصلح إلا المسالمة، ولذا يصح الانشاء من كل منهما بقوله: " صالحت " ويشهد له ما ذكره الأصحاب (رضوان الله عليهم) من حمل الرواية الواردة في الشريكين (إذا قال أحدهما للآخر لك ما عندك ولي ما عندي) (2) على الصلح مع خلوها عن مفهوم الصلح، وليس ذلك إلا باعتبار أنه نوع مسالمة منهما.
ويندفع: بأن الصلح مسالمة عقدية، وبها يمتاز عن سائر العقود التي لا شبهة في أنها (3) مصاديق المسالمة، فكون كل من المتعاقدين مسالما خارجا مع الآخر مشترك بين كل العقود.
وأما إنشاء المسالمة على الملكية فهو مما يتقوم به الصلح، والمعلوم من حال الفقهاء وسيرتهم تحقق الصلح بايجاب وقبول كغيره من العقود، وليس حقيقته مع كونه عقدا أوسع من ذلك، وتحقق القبول بمفهوم الصلح كتحقق القبول في البيع بقوله: " ملكت " - مخففا - قاصدا به مطاوعة التمليك، بل قد عرفت في ما تقدم (4) تحقق الايجاب أحيانا بعنوان القبول وتحقق القبول بعنوان الايجاب، كما في باب السلف من صحة قول المشتري " أسلفتك عشرة دراهم في من من الحنطة ".
وأما حمل الرواية على الصلح فلا موجب له، بل موردها أشبه بالهبة المعوضة، وقوله (عليه السلام) بعد ذلك: (لا بأس بذلك إذا تراضيا وطابت به أنفسهما) لا تدل على إرادة التسالم العقدي، بل على التراضي المبني عليه كل معاملة، كما أن حمل الرواية على