وربما يحتمل (1) وجه آخر وهو أن عدم تعلق المذكورات بما في اليد استبعاد محض، ودعوى قيام السيرة على تعلقها فعدم الالتزام به مخالفة للسيرة، رجوع إلى السيرة فيخصص بها القاعدة المقتضية لعدم تعلقها إلا بالملك.
وأنت خبير بأن كاشف الغطاء (قدس سره) لم يستبعد عدم التعلق، بل استبعد تعلقها مع عدم الملك، حيث قال (قدس سره): (فيصير ما ليس من الأملاك بحكم الأملاك) (2).
ثم اعلم أن مقتضى كلام هذا الفقيه النبيه الوجيه أن تعلق المذكورات بالمأخوذ بالمعاطاة أمر مفروغ عنه، ولذا استبعد تعلقها به مع عدم الملك، ولا موجب لكونه مسلما في الخارج إلا بملاحظة سيرة المتشرعة ومعاملتهم معه معاملة الملك، فلا مناص من أحد أمرين: إما الالتزام بكون المأخوذ ملكا أو الالتزام بتخصيص تلك الأدلة الدالة على حصر تعلق المذكورات بالملك، ولازمه تأسيس قواعد جديدة على خلاف ظواهر تلك الأدلة، وحينئذ لا بد للعامل بالإباحة أما منع حصر المذكورات بالملك، وإما حصول الملك بما لا يتحقق معه أمر غريب آخر زيادة على غرابة مملكية التصرف كما هو المفروض.
فنقول: جملة من المذكورات لا تتوقف على الملك كالاستطاعة المتحققة بالبذل والإباحة، وكأداء الدين فيما إذا أذنه (3) في أداء دينه بماله، وكالإباحة للانفاق على عياله، فإن شيئا منها لا يتوقف على الملك، والمفروض كون المال مباحا له بالإباحة المطلقة، وكذا الغنى المانع عن أخذ الزكاة، فإن من كان واجدا لمؤنة سنته ولو بطريق الإباحة لا يستحق الزكاة كما إذا عاله غيره.
وأما مسألة تعلق الخمس والزكاة فنقول: أما الخمس فلا مورد له في الفرض إلا خمس ربح التجارة وخمس الأرض التي اشتراها الذمي من مسلم.
أما خمس ربح التجارة بالمأخوذ بالمعاطاة، فلا محالة يكون حصول الربح مسبوقا