أبواب ملذة جديدة من البحث العالي والتفكير المستقيم.
وهذه واحدة من تفكيراته الاصلاحية الكثيرة التي كانت تجول في خاطره، ويحرق الأرم أن الوقت لم يحن لتنفيذها أو لابرازها على الأقل، وكثيرا ما كان يوحي إلينا في الخلوة به من خواطره في سبيل اصلاح الحركة العلمية والمجتمع الروحي، ولم يكن يواتيه يومئذ أن ينهض بواحد منها حتى خسره العلم والدين عمادا لقبة الإسلام، وعميدا لخزان الشريعة، وخزانا للفيض القدسي، وترجمانا للكلام النفسي، وإماما للخلق، وهاديا للحق، ومصباحا للمهتدين إلى عين اليقين.
فقد انتقل بالموت الفجأة إلى رحمة الله تعالى فجر الخامس من شهر ذي الحجة عام 1361 ه مأسوفا على تلك الشعلة الإلهية الوهاجة أن تنطفئ في وقت الحاجة إليها، لقد اتجه (قدس سره) في حياته إلى كل مناحي المعارف وكرس أيامه لنيل كل مكرمة، فكان في الأدبين الفارسي والعربي الفنان الماهر، وفي الفلسفة الحكيم العارف، وفي الأخلاق خزانة الأسرار الفائز باسمي رتب الشهود، وفي الفقه والأصول الإمام الحجة نسيج وحده وعلامة دهره.
منزلته العلمية: كان (قدس الله نفسه الزكية) من زمرة النوابغ القلائل الذين يضن بهم الزمان إلا في الفترات المتقطعة، ومن أولئك المجددين للمذهب الذين يبتعث الله تعالى واحدا منهم في كل قرن، ومن تلك الشخصيات اللامعة في تاريخ قرون علمي الفقه والأصول، وإذا كان أحد يصح أن يقال فيه إنه جاء بما لم يجئ به الأوائل فهو هذا العمود لفجر الإسلام الصادق الذي انطفأ قبل شروق شمس نهاره لتراه كل عين، ما سلك بحثا للعلم إلا وتطاير فضول ما علق به من الأوهام هباء، وما حبرت يراعته مسألة إلا وحيرت العقول كيف تذهب آراء الباحثين جفاء.
لو قدر لهذا النابغة العظيم أن يمد في عمره إلى حين تثنى له الوسادة ويتربع كسري الرئاسة العامة لقلب أسلوب البحث في الفقه والأصول رأسا على عقب، ولتغير مجرى تاريخهما بما يعجز عن تصويره البيان، ولعلم الناس أن في الثريا منالا للنوابغ تقربه إلى البشر إلى حيث يحسون ويلمسون، ولكن لله في خلقه وتقديره شؤون، فلقد كانت فاجعة العلم بموته فاجعة قطعت على البحث طريقه اللاحب إلى ساحة الحقائق الواسعة، وأخر