يطلع عليها إلا القليل من خواصه، ويظهر أدبه الفياض في أرجوزته العلمية وفي مدح آل البيت، وقد تقدم أنموذج منها يشهد على علو كعبه في الأدب العربي، على أن له اليد الطولى في الأدب الفارسي، فله ديوان منه في مدائح آل البيت، ومجموعة في الغزل العرفاني الرمزي أودع فيها من المعاني الفلسفية ما يبهر عقول المتأدبين.
أوصافه: كان - رحمه الله تعالى - مربوعا يميل إلى القصر، نحيف الجسم متماسكا، تعلو على وجهه في أواخر سني حياته النحافة والصفرة، ساهم الطرف، أكثر نظره إلى الأرض، لا ينظر لمحدثه إلا ملاحظة، يبدو للناظر مثقلا بالهموم والتفكير المتواصل، على أنه حاضر النكتة المرحة، حتى في أثناء درسه، أنيس المحضر، رقيق الحاشية، يجلب السرور إلى جليسه، متواضعا حتى للصغير، خافض الصوت إلى حد الهمس، فكان ذلك من أكبر المشكلات على تلاميذه في درسه، وكم طالبه البعيد عن مجلسه أن يسمعه فتكثر الشكوى، ولكنه لا يزال هو هو في همسه وهم هم في شكواهم، ويزيد في المشكلة بعد أنظاره الشريفة ودقة مباحثه ونكاته.
أما ما كان عليه من التهجد والعبادة فهذا ما يكشف عنه أنه كان عارفا إلهيا، متفانيا في مقام الشهود، منقطعا إلى حظيرة القدس، لا يلتذ إلا بالمناجاة الروحانية، ولا يأنس إلا بالوحدة والانقطاع إلى مقام المقربين.
مؤلفاته: كان لمترجمنا - أعلى الله مقامه - قلم سيال، ورغبة في التأليف والانتاج يقصر عنهما كل قلم ورغبة، وكان من ميزاته أن يفرغ كل مؤلفاته لأول مرة من المبيضة التي يعدها للتأليف، لا على عادة أكثر المؤلفين في اتخاذ المسودة، فلا يحتاج إلى إعادة النظر وتعديل ما يجود به قلمه الشريف، وذلك دليل القريحة الوقادة التي لا تجارى..، فأنتج طيلة حياته عدة مؤلفاته قيمة هي مفخرة العلم والأدب وإليك بعضها (1):
1 - حاشية على كتاب كفاية الأصول، وقد طبع منها الجزء الأول في إيران وأضاف عليها بعد طبعها تعليقات نفيسة لا يستغنى عنها (2).