وقد كشف في هذين البيتين عن حقيقة " ما " الشارحة، تنبيها على الغلطة التي علقت في أذهان أهل العلم من مرادفة التعريف اللفظي لشرح الاسم، ومطلب " ما " الشارحة وإن كان قد يراد من شرح الاسم التعريف اللفظي أحيانا، ومنشأ هذا الاشتباه ما ذكره الحكيم الفيلسوف السبزواري في شرح منظومته من ترادف التعريف اللفظي ومطلب " ما " الشارحة، فأوقع الباحثين في هذا الاشتباه، حتى كشفه شيخنا في هذين البيتين الرصينين، وأوضحه في شرحه للكفاية في المطلق والمشروط من مقدمة الواجب.
وقوله في الجعل والمجعول بالذات:
الجعل للشئ بسيطا يعرف * وجعل شئ شيئا المؤلف وليس جعل الذات ذاتا يعقل * إذ ليست الذات لها التخلل كذاك لا يعقل جعل الذاتي * أو عرضي لازم للذات ولا كذاك العرض المفارق * فإن امكان الثبوت فارق والحق مجعولية الوجود * بالذات لا ماهية الموجود فانظر إلى هذا البيان الجزل، والقول الفحل، والأسلوب السهل، والتعبير الرصين عن أدق معاني الفلسفة وأسماها بغير تكلف، وبلغة سليمة ناصعة لا تجد فيها فضولا ولا خللا، كما وجدنا المنظومات الأخرى في الفنون، لا سيما بعض المنظومات الفلسفية النابية، ومن أين متحت دلوك في هذا القليب تغترف الماء الزلال، بل الدر الثمين، وما سقناه من الأبيات إنما هو غيض من فيض كشاهد على ما نقول.
أدبه: نشأ أستاذنا ميالا لكل علم وفضيلة، وكانت عبقريته تساعده على اتقان كل ما تصبوا إليه نفسه من الفنون والعلوم، فلم يفته أن يتجه إلى ناحية الأدب العربي في عصر كان للأدب فيه سوق رائجة، فيصوب فيه بسهم وافر، وساعدته نشأته العربية في محيطي الكاظمية والنجف الأشرف على أن يكون أديبا يقرض الشعر ويجيد النثر، وله في الشعر قصائد رقيقة تدل على ذوق عال وطبع مستقيم، ولكنه كان لا يحتفل بها، فلم يحتفظ بها ولم