عدم الضمان تارة بعدم المقتضي وهو الاستيلاء، وأخرى بوجود الرافع وهو التأمين. ولا ريب في أن صاحب الحمام له الاستيلاء على الحمام وما فيه، وإنكار كون الثياب تحت استيلائه مكابرة. وأما التأمين فهو على قسمين: فتارة عقدي وهي الوديعة. ومعها لا ضمان إلا مع التفريط في حفظ الثياب أو التعدي فيها، وأخرى خارجي وهي الأمانة بالمعنى الأعم وهو مجرد تسليط الغير على المال عن رضاه، وهو هنا كذلك.
وقد عرفت سابقا أن حفظ المال المحترم غير لازم إذا لم يكن استيداع من المالك الراجع إلى الاستنابة في الحفظ أو ما هو بمنزلته شرعا من الحكم بايصال المال إلى مالكه كاللقطة بعد الالتقاط فإذا لم يكن الحفظ واجبا لم يكن تركه تفريطا، حتى تكون الأمانة بالمعنى الأعم كالأمانة بالمعنى الأخص. والفارق ما ذكرناه، ومنه تعرف سر التعليل لعدم الضمان بقوله عليه السلام: " فإنه إنما أخذ الجعل على الحمام ولم يأخذه على الثوب " (1) فإنه لو أخذ الأجرة على حفظ الثياب كان مكلفا بحفظها، فترك التحفظ عليها تفريط، وحاله حال الوديعة بخلاف ما إذا لم يكن حفظ الثياب في عهدته لا من حيث الاستيداع ولا من حيث الإجارة على الحفظ، فإنه لا موجب لضمانها، لفرض الاستيلاء عن الرضا وعدم لزوم الحفظ. وأما ما في رواية أخرى عن أمير المؤمنين عليه السلام: " أنه أتي بصاحب حمام وضعت عنده الثياب فضاعت، فلم يضمنه، وقال عليه السلام: إنه أمين " (2) فمحمول على الأمانة بالمعنى الأعم، ومعها لا ضمان.
فكل من الروايتين ناظرة إلى إحدى الجهتين: (إحداهما) إلى جهة التسليط عن الرضا، (والثانية) إلى عدم لزوم التحفظ ليكون تفريطا منه بترك التحفظ. ومما ذكرنا تعرف حكم مسألة الإجارة على حفظ الثياب، فإنه مكلف بالتحفظ على