مورد بطلان الإجارة الثانية، فالأجير ضامن للمستأجر الأول من حيث الاتلاف المحقق بتسليم مملوكه إلى الغير، والمستأجر الثاني ضامن للأول من حيث استيفاء مملوكه وتسلمه من الأجير، فللمستأجر الأول الرجوع على من شاء منها كما مر تفصيله في الأجير الخاص. وأما في المنافع المتضادة فالأجير هو الضامن فقط للتفويت في الكل، والوجه في الكل واضح.
(الثالث) في حكم ما إذا صار الأجير المشترك أجيرا خاصا في الإجارة الثانية فنقول: أما إذا كان مورد الإجارة الأولى كليا ذميا فلا مانع من صحة الإجارة الثانية بنحو الأجير الخاص في تمام المدة إلا من حيث كونها مفوتة بنفسها للعمل على طبق الأولى، حيث لا يعقل تطبيق الكلي الذمي على المنفعة المملوكة بالإجارة الثانية للغير، وغايته حرمة الإجارة الثانية، وحرمة المعاملة مولويا لا توجب الفساد، بل لو عمل للأول كان الأجير ضامنا للثاني لأنه سلم ماله إلى الغير، والأول أيضا ضامن للثاني لاستيفاء ماله، وأما إذا كان مورد الإجارة الأولى بنحو الكلي في المعين فالإجارة الثانية لتضمنها تمليك مال الغير غير صحيحة، فإنه نظير بيع تمام الصبرة بعد بيع صاع كلي منها، وعليه فإذا عمل للثاني في تمام المدة كان في تسليم مال الغير المعدود إتلافا ومن تسلم الثاني لمال الغير المعدود استيفاء منه، فللأول الرجوع على من شاء من الأجير والمستأجر الثاني.
(الرابع) ما تكرر منا من تفويت الكلي الذمي في صورة الانحصار في فرده مع عدم تعينه فيه إنما هو إذا لوحظ الزمان الموسع الملحوظ لرفع الغرر مثلا بنحو التقييد بمعنى الحصة من كلي عمل الخياطة، فإن القيد الزماني كسائر القيود يقبل ملاحظة الطبيعي متقيدا به ولا يوجب انقلابه إلى الكلي في المعين، وعليه فإذا عمل في مورد الضيق للمستأجر الثاني سقطت الحصة عن إمكان الوجود بوجود فردها في الخارج لعدم الفرد لها، وأما إذا لو حظ الزمان الموسع بنحو الاشتراط فالمملوك هو كلي عمل الخياطة فقط، وهو لا يفوت بذاته أصلا، نعم يتعذر الشرط بعد انقضاء الزمان، فله الخيار ولا ضمان، لعدم الفوت بالنسبة إلى المعقود عليه بالإجارة.