هذا في فرض تسلم العين، ومع فرض عدم قبول المستأجر وعدم تسلمه لما عينه المؤجر فردا لكلي في ذمته فلا يتعين مملوك المستأجر فيه، فلا تكون منفعة الفرد فائتة منه بل من مالكها وهو المؤجر، ومن الواضح أنه لا موجب لضمان مال الغير إلا إتلافه أو تفويته أو الاستيلاء بوضع اليد عليه فيفوت تحت يده، ولا يد هنا على الفرض، ولا اتلاف باستيفائه على الفرض، فليس الموهم لضمانه إلا تفويته بامتناعه عن تسلمه وهو هم باطل، إذ التفويت في السابق بامتناعه عن استيفاء ما تعين ملكا له، لأجل أن المخرج لها من العدم إلى الوجود هو المستأجر، فامتناعه عن ذلك تفويت منه لما يكون أمر إيجاده بيده، بخلاف مال الغير، فإن مجرد امتناعه عن قبول مال الغير لا يكون منعا منه عن وجوده، وإنما يتحقق فيما إذا حبس الدابة بحيث امتنع على صاحبها استيفاء منفعتها، وإنما المفوت هنا هو المؤجر بتعطيله لها مع عدم استحقاق المستأجر لمنفعتها بالخصوص لئلا يكون له بد من تعطيلها. ومما ذكرنا تعرف عدم الضمان في المنفعة غير الموقتة بأقسامها.
وأما العمل غير الموقت مع بذل العامل نفسه للعمل فإن قبله المستأجر بأن أحضره في داره للبناء أو للخياطة ومع ذلك لم يستوف منه عمله فهو مفوت للعمل، وحيث إن العمل قبل وجوده لا يخرج عن الذمة فلا محالة لا يكون الفائت ذلك العمل المملوك له، بل مجرد العمل المحترم من الأجير، فيكون ضامنا له، فيكون نظير حبس أجير الغير من حيث ضمانه لما يملكه الأجير، وأما إذا لم يقبله المستأجر والمفروض عدم تعينه له فكما لا تفويت لما يملكه كذلك لا تفويت لعمل الأجير بل المفوت لعمله نفسه، ولا يقاس بالموقت الذي لا يتمكن الأجير من العمل للغير أو لنفسه، ومجرد استحقاق الأجير لتفريغ ذمته وبذله للعمل لا يصحح استناد التفويت إلى المستأجر، ولا ضمان إلا باليد أو الاستيفاء أو التفويت، وكون عمله محترما لا يقتضي بتضمين من لا مساس له بالعمل، بل الأجير هتك حرمة عمله بعدم استيفائه لنفسه أو الغير المستأجر مع تمكنه منه.
والتحقيق: أن قبول المستأجر للعمل وإن لم يوجب خروج الكلي عن الذمية