فعلية الخطاب مشروطة بالقدرة حدوثا وبقاء معا، فعدم المزاحم حدوثا لا يكفي مع وجود المزاحم بقاء كما إذا غرق انسان فأمر بانقاذه وقبل الانقاذ غرق شخص آخر، فإنه لا شبهة في سقوط الأمر عن التعينية الفعلية مع عدم الأهمية.
ثالثها: ما ذكره بعض الأعلام من أن الإجارة الأولى أحدثت حقا للمستأجر الأول على الأجير، ومقتضاه عدم تأثير الأسباب في تعلق حق آخر يوجب بطلان الأول. و (يندفع) بأنه لا تأثير لعقد الإجارة إلا في تمليك كلي عمل على ذمة الأجير، ولا منافاة بين التمليكين، حيث لا تضاد بين العملين حيث لا توقيت في البين، وليس هناك حق آخر فضلا عن أن يكون بينهما تزاحم، أو يتوهم أن التعهد بعمل في ذمته بعد الإجارة الأولى تصرف في حق الغير.
رابعها: ما في الجواهر من عدم القدرة على التسليم شرعا في الإجارة الثانية مع أنه شرط الصحة (1)، وجعله بعض الأعلام " رحمه الله " مبنيا على مسألة الضد وحرمة العمل فلا يكون مقدورا شرعا، وهو مع فساده من وجوه أشرنا إليها خلاف ما فرضه في الجواهر من عدم ابتنائه على الضد بل بناه على فورية الأمر بالوفاء، بتقريب أن العمل بالإجارة الثانية بعد فرض فورية الوفاء بالإجارة الأولى غير مقدور عليه فعلا شرعا، ولا يقاس بما تقدم من أن نسبة القدرة إلى الوفاء بالعقدين على حد سواء ولذا قلنا بالتخيير، وذلك لأن المفروض هناك صحة الإجارتين فلم يكن هناك إلا عدم القدرة على امتثال الأمرين بالوفاء بالعقدين فلذا قلنا بالتخيير، وأما هذا الوجه فالمفروض فيه عدم الفراغ عن صحة الإجارة الثانية وأن القدرة على امتثال الأمر بالوفاء بعقدها شرط صحته فكيف تتساوى نسبة القدرة إليهما، بل الإجارة الأولى حيث كانت حال وقوعها بلا مزاحم فهي واجدة للقدرة المعتبرة فيها بخلاف الثانية المسبوقة بالمزاحم الجالب للقدرة نحوه.
(لا يقال) كما أن القدرة شرط في الأولى حدوثا فكذا بقاء والإجارة الثانية