الشك فمقتضى أصالة بقاء العقد وأصالة بقاء المبيع مثلا على ملك المشتري ورود الاتلاف على مال الغير وحكمه ضمان البدل الواقعي.
وأما وجه الثالث فأمران: (أحدهما) صدق التلف بالمعنى الأعم وصدق الاتلاف، وحيث إن مقتضاهما متنافيان فلا يمكن اعمالهما، ولا موجب لاهمالهما، ولا معين لأحدهما، فلا محالة يتخير بين مطالبة المسمى والبدل الواقعي، وقد ذكرنا ما فيه في تعاليقنا على كتاب الخيارات للشيخ العلامة الأنصاري " قدس سره "، وبينا أن موضوع الحكم بالانفساخ تلف المبيع وموضوع ضمان الغرامة اتلاف مال الغير، ومع تأثير التلف المحقق موضوعه لا يكون التالف مال الغير ليعمه " من أتلف مال الغير " والحكم لا يكون حافظا لموضوعه بل مرتب عليه، فمانعية السبب لضمان الغرامة دورية لتوقف موضوعه على عدم تأثير التلف، دون مانعية سبب الانفساخ، لفعلية موضوعه مع ورود التلف والاتلاف لأنه المبيع، وبقية الكلام في محله.
(ثانيهما) ما قواه العلامة الأنصاري من أن تعذر التسليم يوجب الخيار، فإذا فسخ العقد رجع إليه المسمى وإلا كان الاتلاف واردا على ماله فله تضمين المتلف بالبدل، فهو مخير بين أعمال سبب رجوع المسمى واعمال سبب ضمان الغرامة، وقد بينا في محله أن التعذر الموجب للخيار ما لا يكون ملحقا بالتلف من حيث امتناعه عادة وإلا فهو موجب للانفساخ دون الخيار، وعليه فالاتلاف الحقيقي كما هو المفروض وإن لم يندرج تحت عنوان التلف الموجب للانفساخ إلا أنه لا يكون موجبا للخيار أيضا، وتوهم أنه آكد من ضرر التعذر الممكن زواله مدفوع بأن ما لا يمتنع زواله حيث إنه لا يندرج تحت عنوان التلف ولا تحت عنوان الاتلاف فلا محالة هو ضرر مالي يجب جبره بالخيار، دون التعذر بالتلف المجبور بالانفساخ، ودون التعذر بالاتلاف المنجبر بضمان الغرامة، ومنه يتضح أنه لا مقتضي للخيار هنا، لأن الخيار إن كان لجبر الضرر المالي فمالية المال محفوظة بضمان الغرامة وإن كان الجبر الضرر الحالي ونقض الغرض المعاملي فهو لا يكاد ينجبر بالخيار، لامتناع الوصول إلى هذا الغرض مع الاتلاف، لفرض فوات المدة الخاصة بالعمل فيها لغير المستأجر،